
80 عاما على صدور " مزرعة الحيوانات "
القاهرة: " نقاش"

تعد رواية " مزرعة الحيوانات لجورج أورويل " اريك أرثر بلير" الذي ولد في بورما عام 1903 ورحل عن عالمنا 1950، صرخة وانتفاضة عالم الحيوانات ضد القمع والظلم والاستبداد والعبودية ، التي يمارسها الإنسان.
لكن التغيير يقود إلى الديكتاتورية وقمع الزعيم الروسي ستالين بوساطة البروباجندا، رغم أنه كان متعاطفا مع الفقراء والمهمشين والمطحونين من الشعب الروسي، والطريف أن السواد الأعظم من حيوانات المزرعة من الخراف أي النعاج،التي كانت بمثابة معمل تجارب لدراسة طبائع الحيوانات الناطقة" البشر".
ويحتفل العالم اليوم بمرور 80 عاما على صدور هذه الرواية التي تدور أحداثها في مزرعة كبيرة إلي حدٍّ ما، في إنجلترا يملكها العجوز جونز وامرأته ويساعدهم في أعمالها بعض المساعدين. عُرف عن العجوز جهونز بصرامته ومعاملته القاسية مع حيواناته التي يربيها في مزرعة القصر؛ فيجوعهم كثيراً وينتظر منهم،مع ذلك، أكبر انتاج.
من ضمن الحيوانات في تلك المزرعة الخنزير العجوز (ميجر) والذي كان بطلاً في شبابه؛ حيث فاز بجائزة جمال ويلينغدون، والذي كان يحظي باحترام كبير في المزرعة للدرجة التي كان الكل مستعداً ليضحي بنوم ساعةٍ لأجل سماع ما قد يلقيه من خطابات. في إحدي الليالي يقرر العجوز ميجر، مع معرفته بدنوّ أجله، أن زمن السكوت على هذا الفساد والإستبداد والإهانة قد ولّي، وقد حانت الفرصة ليحكم الحيوان في حق نفسه لا أن يحكم الإنسانُ الحيوانَ، فكانت خطبته في تلك الليلة ممهدة للقيام بثورة ستعيد تشكيل حياة تلك الحيوانات ومزرعة القصر وتغييرها إلي الأبد.
عند سماع اسم الرواية في البداية قد يظن المرء بأنها كُتبت لتسلية الأطفال، لكن وبالدخول في غِمار هذا العمل العظيم يكتشف القارئ الواقع المرير الذي نحياه وتحياه كافة الشعوب.
فضح أورويل في عمله العظيم هذا،علي لسان الحيوانات، أنظمة الإستبداد، كما أوضح منهجهم العقيم الذي يتخذونه دوماً لتذليل الشعب وتخنيعه وقتل كل ذرة من حب الحرية والإستقلال، وأظهر دور الشائعات والأرقام والإحصائيات الكاذبة واستخدام القوة الغاشمة في تذليل وإقناع عامة الشعب. كما أظهر كيفية تحريف القوانين بطريقة ممنهجة لتحويلها من قوانين تصبّ في مصلحة الشعوب إلي سيف بتّار لا يلبث أن يتم إشهاره في وجه ذلك المواطن المسكين، مما يؤدي حتي لقطع رأسه بكل سهولة، وكل هذا تحت مسمي تطبيق القانون. فها هي الوصايا السبع ،التي كُتبت بحروف بيضاء علي الحائط الأسود لتكون دستوراً للثورة الجديدة، تتبدل شيئاً فشيئاً دون أن يلحظ الشعب المُغيَّب.
إن الثورة دائما،وإن كان هدفها نبيل، ينتهزها المستبدون ليزدادوا استبداداً مستغلين خوف الشعب من تكرار ما مضى،لاعبين علي وتر الشعارات الواهية للسعي نحو مستقبل أكثر رخاءاً. فيكون مآل الشعب للإنسياق خلف القيادة الجديدة، إنسياقاً أعمي، طالما هناك، مِن جنسهم، من يُبجِّل ويمجَّد ويفخِّم أعمال تلك القيادة الوهمية،فيشعرون،عند مقارنتهم بين حياتيهم القديمة والحالية، بأن تلك القيادة أغدقت عليهم بما لم يكونوا يتخيلونه أو يستطيعون نيله، قانعين بفتات الخبز ومكتفين. فيؤكد لنا أورويل أن الجور والظلم الذي ترتكبه السُلطة في حقّ الشعب ناشئ عن خنوع الشعب نفسه أما الإستبداد، ولولا الخنوع لما استطاع أي حاكم أن يستبد بحكمه وأن يجترأ علي تذليل شعبه.