
صبري حافظ يحلل مكونات الخطاب السردي العربي

صدر حديثا ضمن سلسلة الألف كتاب الثاني الصادرة عن الهيئة العامة للكتاب : تكوين الخطاب السردي العربي: دراسة في علم اجتماع الأدب العربي الحديث. ترجمة، يمنى صابر. الألف كتاب الثاني، القاهرة، 2025.
العمل يتحدى الافتراض السائد بأن الثقافة العربية كانت راكدةً قبل اتصالها بالغرب في بداية القرن التاسع عشر. وتتَّبع المؤلِّف النهضة إلى منتصف القرن الثامن عشر ويتتبع تطورها في مختلف أنحاء العالم العربي، فيوضح كيف أدى ظهور جمهور جديد من القرّاء بـ "نظرته للعالم" المتميزة، إلى تحفيز عملية التحوّل ونشوء خطاب أدبي جديد. ويتبع ذلك دراسة لديناميكيات هذه العملية ومُخطَّط للمراحل المختلفة لتشكيل وتحوّل الخطاب السَّرْدِيّ الجديد حتى يبلغ ذروته في إنتاج سَرْدٍ مُتطوّرٍ وناضج.
وفي إطار الفكر الإنسانيّ يحوّل الكتاب مصطلحات النقاش حول صعود السرد من التحليل الشكلي إلى تحليل التكوين الاجتماعي، ويوضّح العديد من القضايا التي طالما دارت حولها المناقشة النقدية. وهو يغير طبيعة التاريخ الأدبي من خلال تداخل التسلسل الزمني مع البعد الاجتماعي الثقافي الحيوي، وتحقيق توازن دقيق بين النَّصِّ والسياق. ويختبر افتراضاته النظرية الرئيسة من خلال تتبُّع التطوّر التاريخي للخطاب السردي، وكذلك من خلال تحليل مُفصَّل وحسَّاس للقصة القصيرة، بطريقة تغيّر طبيعة النقد الأدبي العربي وتضعه على قدم المساواة مع الخطاب النقدي الحديث في الثقافة الغربية.
الدكتور صبري حافظ غني عن التعريف فهو ناقد أدبي مصريٌّ عربيٌّ وأستاذ جامعي، بدأ حياته الأدبية بالكتابة في كبريات المجلات الأدبية العربية في ستينيات القرن الماضي؛ الأمر الذي دفع بجامعة لندن لدعوته للمشاركة في أول مؤتمر للأدب العربي الحديث يُقام فيها عام ١٩٧٣. وفي أثناء تلك الزيارة حصل على منحة دراسية من جامعة لندن للدراسة للدكتوراه بها. وقد حصل عليها عام ١٩٧٩ في النقد الحديث والأدب المقارن، وفازت رسالته للدكتوراه بجائزة أفضل رسالة في الإنسانيات في جامعة لندن في عام تخرُّجه. ثم أمضى معظم حياته الجامعية في الغرب. وقد أسهم هذا الكتاب الذي طرح مدخلًا جديدًا لتناول ظاهرة تكوين الخطاب السردي العربي، في توطيد مكانته العلمية بين الباحثين في الأدب العربي الحديث فيه. وأدى نشر الكتاب إلى اختياره عام ١٩٩٣ ليشغل أول كرسي للأدب العربي الحديث والأدب المقارن في كل الجامعات البريطانية، وهو الكرسي الذي تأسّس لهذا الموضوع في جامعة لندن.
وقد قادته مسيرته العلمية إلى الكتابة والنشر باللغتين؛ العربية والإنجليزية، في مختلف مجالات النقد الأدبي؛ النظرية منها والتطبيقية. حيث نشر أكثر من عشرين كتابًا باللغة العربية، كان آخرها كتابه الكبير عن (طه حسين: الإنسان والمشروع) عام ٢٠٢٣، وعدد من الكتب باللغة الإنجليزية، يُعدّ هذا الكتاب باكورتها. وقد حان الأوان لظهور ترجمة عربية له؛ كي يطرح منهجه الجديد في علم اجتماع الأدب على القارئ والباحث العربي. ونرجو أن تلحق به ترجماتٌ أخرى لكتبه الإنجليزية؛ وخاصة كتاب (الهُوِيَّات المُتَخَيَّلة) الذي يُعدّ بشكل من الأشكال تكملةً لهذا الكتاب في التنظير والتطبيق في مجال السَّرْد العربي.
أما المترجمة، فهي الدكتورة يُمنى صابر، أستاذٌ مشارك في الأدب الإنجليزي بجامعة قطر، تخرَّجت في كلية الألسن قسم اللغة الإنجليزية، وحصلت على الماجستير من الجامعة نفسها في الشِّعْر والنَّقد، وعلى الدكتوراه من قسم الدراسات الأمريكية والكندية بجامعة نوتنجهام بالمملكة المتحدة، وقد نشرت أبحاث عدة في دوريات عالمية تناولت الأدب الأمريكي الأفريقي بوجه خاص والدراسات الإثْنِيَّة والجِنْدَرِيَّة.
#نقاش_دوت_نت