
تأملات في الأدب والنقد

قد تبدو لغتي في مواضع من هذه التأملات قاموسية عتيقة. ولكني لا أعتذر عن ذلك فإن لي فرط ولوع بلغة العرب الأقحاح الأقدمين، مع تشوف إلي الإلمام بطرف من لهجات العرب العاربة والمتعربة والمستعربة (ما لسان حمير بلساننا ولا لغتهم بلغتنا). ومرجعي في الكتابة - إلى جانب المعجمات القديمة- أعمال عصرية من نوع "المعجم الكبير" لمجمع الخالدين بالقاهرة أو "المعجم العربي الأساسي" (المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم), وكتاب"معجم المأثورات اللغوية والتعابير الأدبية" (الهيئة المصرية العامة للكتاب١٩٩٣) لذلك القاص البارع والمعجمي الثقة سليمان فياض رحمه الله.ولم أتمكن للأسف من الإطلاع على مكنز الدكتور أحمد مختا ر عمر.
إني أكتب-أو أحاول أن أكتب- بلغة المتنبي والمعري والجاحظ والتوحيدي. فإذا هبطت في السلم اللغوي درجة كتبت بلغة طه حسين وعباس محمود العقاد. فإذا هبطت درجتين كتبت بلغة إبراهيم المازني وأحمد حسن الزيات ومصطفى صادق الرافعي وعلي الجارم وعلي أدهم وأمين الخولي وإسماعيل مظهر ومحمد حسين هيكل ومحمد فريد أبو حديد وفخري أبو السعود وعبد الرحمن شكري ومحمد السباعي فإذا هبطت ثلاث درجات كتبت بلغة مصطفى ناصف وشوقي ضيف وشكري عياد وزكي نجيب محمود وعبد الرحمن بدوي. ولكني لا أنزل إلى ما دون ذلك.
مدح الخليفة عمر بن الخطاب شاعرا -لا أذكر الآن اسمه- لأنه كان لا يعاظل. وقال طه حسين ما معناه: اللغة العربية يسر لا عسر، ونحن نملكها كما كان القدماء يملكونها. وعلى الجانب المقابل قيل لأبي تمام: لم لا تقول ما يفهم؟ فأجاب: ولم لا تفهم ما يقال؟
أما أنا فقد اخترت ما تراه أعلاه، مراوحا بين اليسر والعسر، كتبته نصف جاد ولساني في شدقي ،كما يقول التعبير الإنجليزي ، على سبيل رياضة القلم والتجريب اللغوي والحنين إلى زمن غبر، فلا يحملنه أحد على محمل الجد أكثر مما ينبغي. وقد بسطت في هذا الحديث ما انتهيت إليه -أى قارئي الكريم- من نتائج لك أن تقبلها أو تردها فلا حرج عليك -ولا على- فيما تأخذ منها أو تدع.
#نقاش_دوت_نت