
سيدة الأزمان

سيدة الأزمان
سيدة الازمان تجلي
هكذا معك
يتحول الليل إلى نهار
والنهار إلى ليلي
هكذا معك تتحول لحظات العمر
إلى أبد
سيدة الأكوان تجلي
وانثري الأزمان في فضاءات الأماكن
زمنا للحب
وآخر للعشق
والشوق والوجد
انثري في كل بقعة
معنى من معاني
الجمال
انثري ورود الحياة
في كياني
انثري عبق الرغبة في
أرجاء المكان والزمان
عطري الكون برائحة الخلود
وانيري السماء بأقمار الحنين
رجعي أصوات الطيور
في فضاء الوجود
واعزفي أحلامنا نغما أبديا
لا يضيع أو يغيب،
آه يا امرأتي
كم أحبك
رغم الغياب
كم أحبك
رغم سهم الموت
ورغم اغتيالي
آه يا امرأتي
وأنت في فضاء السماء
وانا في فضاء الحنين والغياب
لن أسامح قط الفجيعة
لن أسامح قط الخيانة
كنا معا يدا بيد
والتفت فإذا يدك هناك
ويدي معلقة في الفراغ
كيف تخبو يد،
وهي في يد من تحب؟
أهكذا في وضح النهار أسرق؟
أهكذا تكون النهاية،
وخزة في الروح والقلب
رحلة بين الوجود والعدم؟
قصيدة الدكتور طارق النعمان لا تقف عند حدود المشاعر شخصية، بل هي رحلة عميقة في قلب الأساطير الكبرى، رحلة تتخطى حدود الزمن والمكان لتلامس الأسئلة الوجودية الكبرى. إنها حوار بين الوجود والعدم، بين الحياة والموت، وبين الخلق والفناء. تتجسد القصيدة وكأنها نشيد كوني، يروي قصة الخلق الأولى حيث كان العدم، ثم جاء الوجود كشرارة منبعثة من ذلك الفراغ. الشخصية الشاعرة هنا ليست مجرد ذات فردية، بل هي روح عالمية، شاهد على كل ما حدث ويحدث. إنها مثل الإله الخالق في الأساطير القديمة.
ينادي الشاعر حبيبته، "سيدة الأكوان"، ويتوقع منها أن تبعث في تلك الأكوان خلقًا وحياة. تعكس القصيدة فكرة الخلق من العدم، وهي فكرة مشتركة في العديد من الأساطير العالمية، حيث تبدأ القصة بفراغ مطلق (العدم)، ثم ينبثق منه شيء (الوجود). هناك أيضًا إشارة ضمنية لدورة الحياة والموت الكونية. الوجود يتلاشى ليعود إلى أصله (العدم)، ثم ينبعث منه من جديد. هذه الدورة هي جوهر العديد من الأساطير عن الآلهة التي تموت وتولد من جديد، مثل أسطورة أوزوريس في مصر القديمة أو فينيكس في الأساطير الإغريقية.
في ضوء هذه القراءة الرمزية، يتجاوز رفض الشاعر للخيانة كونه موقفاً أخلاقياً بسيطاً ليصبح موقفاً وجودياً. إنه ليس رفضاً لفعل بشري وحسب، بل هو رفض لخرق قانون كوني أساسي. إذا كان الوجود هو انبثاق من العدم، فإن الخيانة هي فعل معاكس تماماً: إنها إعادة قسرية للوجود إلى العدم. عندما يخون شخص ما، فإنه لا يكسر وعداً أو ثقة، بل إنه يمحو حقيقة العلاقة نفسها. العلاقة التي كانت موجودة (وجود) تتحول فجأة إلى لا شيء (عدم). الشاعر هنا يرفض هذا الفناء الوجودي الذي تسببه الخيانة. إنها ليست عملية طبيعية مثل الموت الذي يعود منه الخلق، بل هي عملية مدمرة، تماثل الانفجار الذي لا يخلف وراءه شيئًا، بدلاً من الدورة الكونية التي يموت فيها النجم ليخلق نجوماً جديدة. في الأساطير، غالبًا ما يرتبط الوجود بالنظام (الكون) بينما يرتبط العدم بالفوضى (الكاوس). الخيانة هي فعل فوضوي بامتياز، تخرق نظام الكون الصغير (العلاقة الإنسانية) وتفسد تناغمه. رفض الشاعر للخيانة يعبر عن انحيازه للنظام والانسجام والوجود المنتج، ورفضه للفوضى والدمار الذي تفرضه الخيانة. إنه يرى في العلاقة الإنسانية تجسيدًا مصغرًا لعملية الخلق الكبرى، والخيانة هي التدمير المباشر لهذه العملية. لذلك، فإن رفضه ليس فقط لأنه يتألم شخصيًا، بل لأنه يرى في هذا الفعل انتهاكًا للترتيب الكوني المقدس الذي يحكم كل شيء.
#نقاش_دوت_نت