
رسالة ماجستير تناقش العلاقة بين اضطهاد المرأة وتدهور البيئة

قراءة بيئية نسوية في عوالم الخيال العلمي
نوقشت في جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا الرسالة التي تقدمت بها الباحثة فاطمة الزهراء محمود عبد الرحمن عطا، المعيدة بقسم اللغة الإنجليزية، بكلية اللغات والترجمة، جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا، وذلك في إطار بروتوكول التعاون بين جامعتي عين شمس وجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا.
تُقدم هذه الرسالة قراءة بيئية نسوية لروايتين من أبرز أعمال الخيال العلمي: "الوصايا" (The Testaments) لمارغريت أتوود (2019)، و"المحرومون" (The Dispossessed) لأورسولا ك. لو جوين (1974). وتهدف الرسالة إلى إظهار الترابط الوثيق بين اضطهاد المرأة وتدهور البيئة. وتستخدم الدراسة منهجًا تحليليًا ومقارنًا لاستكشاف كيف أن الأنظمة الأبوية، والهرمية، والرأسمالية تستغل النساء والطبيعة على حد سواء لتحقيق مصالحها الخاصة. وقد اختيرت الروايتان لتناولهما مواضيع النسوية البيئية من منظورين مختلفين، ففي حين تستعرض أتوود عالمًا بائسًا يغلب عليه التدهور البيئي والسيطرة الأبوية ، تقدم لو جوين عالمًا مثاليًا يركز على الاستدامة البيئية والمساواة بين الجنسين.
تُعرّف الرسالة النسوية البيئية بأنها نظرية تربط بين علم البيئة والحركة النسوية، وتؤكد أن هيمنة الرجال على النساء والبيئة أثرت سلبًا على صحتهما. ويُظهر عمل أتوود في "الوصايا" مجتمعًا أبويًا بائسًا يُدعى "جلعاد" (Gilead)، حيث تستغل السلطة الحاكمة الدين والقوانين الاجتماعية للسيطرة على النساء وأجسادهن؛ إذ تُصنَّف النساء إلى مجموعات مختلفة، مثل الزوجات والعمات والجواري، وتُحدد أدوارهن بناءً على قدراتهن الإنجابية. كما يعاني هذا المجتمع من التدهور البيئي، خاصة في "المستعمرات" السامة، حيث تُرسل النساء المتمردات لتنظيف النفايات الكيميائية والإشعاعية، الأمر الذي يعكس استغلال النظام لكليهما. وتُبرز الرواية أن هذا التدهور البيئي يسهم في انتشار العقم بين النساء، الأمر الذي يبرر قمع النظام لهن.
على النقيض من ذلك، تتناول رواية "المحرومون" مجتمعين متناقضين: "أناريس" (Anarres) الفوضوي و"أوراس" (Urras) الرأسمالي. ففي "أناريس"، يُنظر إلى النساء على أنهن شريكات متساويات مع الرجال في جميع جوانب الحياة، بما في ذلك الأدوار العلمية والقيادية، ولا يقتصر دورهن على الأعمال المنزلية. أما على كوكب "أوراس"، فتُظهر لو جوين كيف يستغل المجتمع الرأسمالي نساءه بوصفهن مجرد سلع، ويعتمد في ثرائه على استنزاف الموارد الطبيعية للكواكب الأخرى. وتُبيّن الرسالة أن هذا الاستغلال الرأسمالي والاستعماري يؤثر سلبًا على البيئة وصحة النساء.
تُقدم الرسالة مقارنة معمقة بين الروايتين، مؤكدة أن كلا الكاتبتين تتفقان على أن هياكل السلطة القائمة على النزعة الأبوية والسيطرة الاجتماعية تستغل النساء والطبيعة معًا. وتتشارك الروايتان في تقديم أشكال من المقاومة، ففي "الوصايا" تكون المقاومة علنية وسرية في آن واحد، كما هو الحال مع شخصية العمة ليديا التي تعمل من الداخل لتدمير النظام. أما في "المحرومون"، فتتجلى المقاومة في التحدي الفكري لشخصية شيڤيك (Shevek) وإصراره على تحقيق العدالة البيئية والاجتماعية. وبالرغم من اختلاف أساليبهما، فإن كلتا الروايتين تقدمان رؤية أمل في إمكانية تحقيق التغيير.
تؤكد الرسالة أن أدب الخيال العلمي ليس مجرد وسيلة لسرد القصص، بل هو أداة لإعادة تصور الهياكل الاجتماعية وتقديم رؤى حول قضايا العالم الواقعي، مثل تغير المناخ وعدم المساواة بين الجنسين. وفي الختام، تُؤكد الدراسة أهمية النسوية البيئية بوصفها إطارًا نظريًا وعمليًا لحل المشكلات المعاصرة، وإقامة علاقة أكثر توازنًا وعدلًا بين البشر والطبيعة.
وقد حصلت الباحثة على درجة الماجستير بتقدير ممتاز.
وتشكلت لجنة المناقشة والحكم على الرسالة من أ.د. مصطفى رياض (مشرفًا)، وأ.د. فاتن مرسي (عضوة)، وأ.د. فاطمة الديواني (مشرفة)، وأ.د. شيرين الشورى (عضوة).
#نقاش_دوت_نت