من نحن اتصل بنا سياسة الخصوصية
×

عطيات أبو العينين: رحلة يتحول فيها الحرف إلى مرآة للإنسان

د. شيرين النوساني ..مدير مكتب الاتحاد العربي للثقافة في مصر
عطيات أبو العينين: رحلة يتحول فيها الحرف إلى مرآة للإنسان




في عالمٍ يموج بالأصوات، قليلون من تحمل أصواتهم ملامح ونبض الروح الإنسانية، وتعرف كيف تلتقط ما بين إيقاع القلب ومساحات العقل؛

وهنا يبرز اسم صنع من الحرف جسرًا بين المعرفة والوجدان، كاتبة مصرية جعلت من الأدب رحلة لاكتشاف الإنسان في هشاشته وقوّته معًا، في جل تناقضاته الجميلة.

حديثي اليوم عن الدكتورة عطيات أبو العينين، الكاتبة والإعلامية، وعضو اتحاد كتاب مصر، ورئيس شعبة السرد فيه.

تجمع الدكتورة أبو العينين في مشروعها الأدبي بين الحس الإنساني العميق ورؤية الباحثة التي سبرت أغوار النفس البشرية وخبرتها؛

 انطلقت أبو العينين من خلفية أكاديمية في علم النفس بجامعة القاهرة، لتتوج رحلتها بدرجة الدكتوراه في الآداب والفلسفة من جامعة عين شمس.

على مدار أكثر من ثلاثة عقود، نسجت أبو العينين بريشتها الفريدة عوالما متعددة تعد إرثًا متنوعًا يضم في جنباته الرواية، والقصة القصيرة، وكتب الأطفال، وأدب الخيال العلمي؛ هذا علاوة على إسهاماتها في النقد الأدبي والبحث الاجتماعي.

تتسم كتاباتها بقدرة فريدة على المزج بين التحليل النفسي للشخصيات وبناء عوالم سردية غنية، نابضة بالحياة،

وهو ما يتجلى في روايات مثل "مهسوري"، التي حازت جوائز عدة، و"رقص العقارب"، التي أكدت مكانتها وجسدت إنقلابا في أدب الخيال العلمي.

إن مؤلفاتها ليست مجرد نصوص تروى، بل تتجاوز ذلك فتصير مساحات يلتقي فيها القارئ مع ذاته، فيطرح عليها أسئلة وجودية.

ولأن الطفولة مرآة المجتمع ولبنته الأولى، فقد أفردت الكاتبة مساحة واسعة لأدب الأطفال،

إذ قدمت سلاسل قصصية تناولت شخصيات تاريخية وأبطالًا منسيين، وجعلت من الحكاية جسرًا للتعليم والتثقيف وغرس القيم.

كما طرحت في أعمالها قضايا إنسانية كبرى مثل الهوية، والحب، والصراع الإنساني مع الذات ومع العالم المحيط،

بلغة رشيقة واضحة تحمل بعدًا فلسفيًا دون أن تفقد دفء المشاعر وسلاسة السرد.

لم تقتصر رحلة عطاء أبو العينين على قلمها الأدبي، بل تركت بصمة واضحة في الإعلام المصري،

من خلال تقديم برامج إذاعية وتلفزيونية، أظهرت قدرتها على مخاطبة الوعي الجمعي للجماهير، وفتح نوافذ الثقافة والحوار المجتمعي البنّاء.

 أبو العينين ليست مجرد كاتبة متعددة المواهب، غزيرة الإنتاج، مكتملة الأبعاد، إنما هي تجربة ورحلة إنسانية كاملة متكاملة؛

ضربت بجذورها في البحث النفسي وامتدت إلى الإبداع في الفضاء السردي، فانتقلت من الرسالة الاجتماعية إلي دهشة الحرف الجمالية.

فصارت عطيات أبو العينين صوتا يؤكّد أن الأدب لا ينفصل عن العلم، وأن البحث العلمي والإبداع الأدبي وجهان لعملة واحدة تضئ زوايا النفس البشرية المعتمة.

#نقاش_دوت_نت