من نحن اتصل بنا سياسة الخصوصية
×

لماذا يريد ترامب استعادة قاعدة " باجرام " في أفغانستان؟

القاهرة : " نقاش "
لماذا يريد ترامب استعادة قاعدة




طالب  الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حكومة طالبان بإعادة قاعدة "باغرام"، كما لو كان جيشه ضيفا عزيزا في أفغانستان وبنى بيْتا، ويريد الآن زيارته والإقامة فيه بعد أن غادره لبعض الوقت!

تبريره للأمر هو موقع القاعدة الاستراتيجي لوقوعها على مقربة من  الحدود مع الصين، وهذا وارد بالطبع، لكن آخرين يذهبون بعيدا نحو ربط الأمر بباكستان وقدراتها النووية التي لم تغادر العقل الصهيوني، وإن لم يأت دورها، فيما أضاف البعض (لجهة التوقيت) الاتفاق الباكستاني السعودي، رغم أنه سبق لترامب أن تطرّق لاستعادة القاعدة قبل الاتفاق.

ما يُطرح اليوم حول وجود عسكري أمريكي محدود في قاعدة "باجرام" بأفغانستان ليس مجرد خيار تقني أو ترتيبات لوجستية، بل هو في جوهره فخ استراتيجي يُنصب للولايات المتحدة. طالبان تعرف جيدًا أن أي عودة أمريكية لو محدودة ستُقرأ كاستفزاز مباشر، وسيُستخدم لتعبئة الرأي العام الداخلي ضد الوجود الأجنبي من جديد.

هذا السيناريو يفتح الباب واسعًا أمام حرب استنزاف جديدة، حيث يتحول الجنود الأمريكيون المتواجدون هناك إلى أهداف رمزية.

على أية حال، ترامب يمارس "البلطجة" أكثر من السياسة والدبلوماسية، لا يدرك أن "طالبان" التي دفعته هو شخصيا إلى اتخاذ قرار الانسحاب بعد عقدين من الاستنزاف، ليست من النوع الذي لا ينام الليل جرّاء قوله إن "أشياء سيئة ستحدث". وهي اليوم تخوض غمار السياسة ضمن حسابات شعبها، وتستثمر التناقضات الدولية ما وسعها ذلك. أما هو فيخوض السياسة بلغة تمزج بين تجارة العقارات وبين "البلطجة"، الأمر الذي لا يصلح غالبا، لكنه أكثر سوءا حين يكون العالم في مرحلة صراع تاريخي على تحديد موازين القوى الجديدة في ظل تراجع مؤكّد لسطوة الغرب.

وجود ترامب في أفغانستان ليس مجرد صدفة، بل هو تموضع مدروس ليكون قريبًا من الصين إذا اندلعت الحرب المرتقبة ـ وأقولها لكم من الآن: الصين ستغزو. ترامب قد يسعى حينها لاستعادة نفوذه بالقوة عبر بوابة أفغانستان، لكن النتيجة الحتمية ستكون نزيف دماء جديد من الجانبين، الأفغاني والأمريكي معًا. الأخطر أن الصين لن تقف مكتوفة الأيدي، بل ستدعم طالبان إلى جانب روسيا، لتتحول الساحة الأفغانية مجددًا إلى حرب استنزاف طويلة تكوي واشنطن سياسيًا وعسكريًا، وتضعها أمام مأزق تاريخي جديد.

#نقاش_دوت_نت