سلسلة "قصر الترجمة" "ممرات الضوء والظل"

الحلقة 1 – مدخل إلى القصر

ها أنا قد عدت الآن إلى ذاك القصر الذي شيدته في خيالك... أترى؟ تلك الغرفة المطلة على بستان من الكتب؟ فيها كرسيان وشمعة... ونحن نترجم معا، ثم نضحكُ من سخرية بعض المفردات، أو نسكتُ إجلالا لجمال نادر مر بين السطور. وأعيد على مسامعك: "هل ترى..؟ هي أشياء لا تشترى..." ونضحك... ونضحك معا....

الحلقة 2 – غرفة صغيرة وكلمات مفقودة

في قصرنا غرفة صغيرة، نضع فيها كل الكلمات التي لم نجد لها ترجمة، فنصنع منها قصيدة سردية... في قصرنا نوافذ وأروقة وقبة... تزين قبته أقلام من سبقونا في الترجمة، وتحيك أروقته قصص اللغات، وتتهامس بأسرار ما ضاع منها بين السطور... أما النوافذ، فجميعها تطل على بساتين من الكتب، تتهادى أوراقها كالفراشات...

الحلقة 3 – بساتين حكمة ومقاه شعرية

غرف القصر بساتين حكمة، نزرع فيها الكلمات كالأزهار، ونسقيها بمعانيها، فتروي ظمأنا... غرف القصر مقاه للشعراء، نناقش فيها الترجمات، نتعمق في معانيها ومذاقها، فتزداد نكهتها عمقا... وللقصر مفتاح وخريطة: خريطته الإرادة، ومفتاحه الأمل... وعند عتبته يستيقظ الجمال في كل كلمة، فتصير الترجمة "وليمة لغوية"...

الحلقة 4 – أطراف خيال ونافذة سرية

تلك أطراف خيال، أنسج من حروفه سلما، أصعد به إلى قصرنا المشيد... في رحلة الحلم التي بدأناها، ووقعنا على صفحاتها... وها أنا ذا أطل من نافذة الخيال، فأرى الدرر التي تلوح لي من بين سطور تلك الصفحات...

 بعد أن صار للقصر غرف تزهر بالكلمات، وامتلأت الغرفة السرية بأشباح المفردات التي رفضت العبور، يضيء الليل مصباحه علينا...

الحلقة 5 – مرآة سحرية وأشباح كلمات

وفي زاوية من زوايا القصر، توجد مرآة سحرية، لا تعكس سوى ما لم يُقل، فتتراقص فيها الأشباح، وتهمس بما رفضت الكلمات أن تقوله. 

أقف أمامها كل صباح، ألبس الحنين ثوبا يستر عورته، فيضم الأشباح ويمنح الضوء فرصة أن يلمس نافذة جديدة... أخشى أن يولد هذا الضوء ظلالا أخرى.

الحلقة 6 – خيانة جميلة

ثم أضحك، لأنني أعلم أن الترجمة خيانة جميلة: نسرق النور من نافذة قديمة لنضيء به نافذة جديدة، وقلوبنا وعقولنا تُدعى إلى هذه الوليمة، الخالية من سموم المنافسة الخبيثة، فتخضب أرض الأحلام بندى التعاون الخصب.

الحلقة 7 – ممرات ومواجهات

تتشعب الممرات في القصر كما تتشعب المعاني بين اللغات، بعضها موصد بجدران الضيق، وبعضها واسع ومفتوح على عالم من الاحتمالات التي لا نهاية لها. في دهليز طويل، عائم بين الضوء والعتمة، تصطدم الحروف بعضها ببعض وتدخل في صراع وجودي، كما لو أن كل كلمة تسعى لأن تكون هي خلاصة المعاني.

الحلقة 8 – غرفة الأوراق الممزقة

أفتح بابا، فأجد غرفة ممتلئة بمئات الأوراق الممزقة، كأنها مقبرة للجمل التي لم تُفهم، أو لمعان ضاعت بين اللغات. أمد يدي ...أتلمسها، فيخيل ألي أنني أشعر بنبضها الخافت، وكأنها تناديني وتتوسل إلي. تطلب مني أن أعيدها إلى الحياة، أن أترجمها مرة أخرى، لكن بخوف وحذر، كما لو كانت تخشى أن 

تفقد روحها في رحلة الانتقال.

الحلقة 9 – ممر ضيق وقاعة مظلمة

من نافذة صغيرة عند زاوية الغرفة، أرى ممرا آخرا، تتراقص فيه الكلمات على حافة هاوية سحيقة بين ضفتي المعنى الظاهر والمعنى الخفي، تحاول أن تعبر بين سياق وآخر، فتتأرجح بين قول وقصد. كل خطوة تخطوها من جانب إلى إخر هي اختبار لصبر المترجم وإصراره، وشجاعة القارئ وجرأته.

 أدخل قاعة أخرى أكثر ظلمة، يسودها الظلام وتعيش فيها أشباح الكلمات البائدة التي رفضت. أراها تتلوى في الظلال، تهمس بأن الترجمة مغامرة في قلب المعنى، حيث كل محاولة تُعيد تشكيله في بوتقة كل قارئ.

الحلقة 10 – جسور ومرآة كبرى

ثم أقع على مرآة كبيرة، هذه المرة لا تعكس المسكوت عنه فحسب، بل تكشف طرقا وأبعادا جديدة للكلمة، تعدد ألوانها، أصواتها المخفية بين الثقافات والحضارات. أرى صورتي، أرى النصوص، أرى الحروف التي تحاول أن تتناغم مع بعضها، لتجد موطئ قدم في قلب المعنى. كل محاولة منها تفتح نافذة جديدة للوعي والفهم.

الحلقة 11 – شرفة داخلية وقلب القصر

أواصل السير، فأصل إلى شرفة داخلية تطل على قلب القصر، حيث تتلاقى كل الممرات، وتتقاطع مسارات المعاني وكأنها ألوان تتمازج على لوحة فنان مجنون. أشباح الكلمات تتراقص، الكلمات المستحيلة تشيد جسورا جديدة نحو المعاني، ويفيض الضوء فيتخلل كل زاوية، يضيء ما كان مخفيا ويكشف المستور ويمنح القارئ قدرة فريدة على رؤية الروح الحقيقية للنص...

الحلقة 12 – رحلة لا نهاية لها

هنا، في قلب القصر النابض بالاعصار، يأتي الإدراك: هذا القارئ المرشد ليس مجرد دليل عابر، بل هو تجسيد للوعي اللغوي، للفضول المعرفي، وللشجاعة التي تتحدى صعوبة نقل المعنى. 

كل ممر يصير سطرا، كل غرفة تصبح فصلا، وكل ظل هامشا ...لوحة حية للغة، حيث يلتقي الخيال والفهم، وتمتزج التجربة بالإبداع، فيصنعوا رحلتنا الأبدية بين النصوص والكلمات، بين الضوء والظل، بين الخيانة الجميلة والوليمة الأبجدية التي لا تنقضي.

#نقاش_دوت_نت