
مصحات الموت

أودّ أن أشارككم باختصارٍ ما مررتُ به خلال الأشهر الثمانية الماضية، وكيف تحوّل الألم إلى فعل يُنتج أثرًا حقيقيًا.
أفردت كل جزء هنا لوحده كي تكون الصورة واضحة لكل من يقرأ.
الأزمة بدأت
قبل ثمانية أشهر وقع بي ما لم أتوقعه: استيقظت لأجد عملي قد اندُمر، والغطاء النقدي الذي يُؤمّن حياتي انا و ابني واحتياجاتنا صار صفراً. بين ليلةٍ وضحاها تغيّرت كل موازين الحياة — ليس فقط بسبب فقدان مصدر دخل، بل لأن الشعور بالأمان المالي اختفى، وصار عليّ مواجهة واقعٍ قاسٍ وأنا مسؤول عن أسرة صغيرة.
طبيعيٌّ أن تأتي ردود فعل إنسانية عند مواجهة هذا النوع من الخسارة؛ مررتُ بمرحلة انشغلت فيها بأفكار الثأر والانتقام، كمحاولة للتعويض عن الإحساس بالظلم والاستهداف. لكن سرعان ما أدركت أنّ الانشغال بالثأر يسرق الوقت والطاقة دون أن يعيد شيئًا مما فُقد. قررت تحويل تلك الطاقة إلى بداية جديدة — بداية مدروسة، هادفة، لا تعتمد على مشاعر انتقامٍ عابرة.
الحملة: مصحات الموت
اخترت أن أتبنّى قضية عملية وبعيدة عن دائرة اهتماماتي السابقة في المجتمع المدني، قضية تلمس آلام ناس حقيقيّين وتؤثر في حياتهم اليومية. أطلقت حملة #مصحات_الموت بمواردٍ محدودة وبأدواتٍ بسيطة، لأنّ الإمكانات المادية كانت ضئيلة. النتيجة كانت أقوى مما توقعت: تحرّكات ميدانية وقانونية أسهمت في إغلاق ما يقرب من ١٥٠ مصحة غير مرخّصة وملاحقة أصحابها، ونشر رسالة مهمة مفادها أن الإدمان مرضٌ يجب التعامل معه طبياً وإنسانياً، لا وصمة تُلاحق المُصاب. هذا الانجاز لم يكن شخصيًا بقدر ما هو نصرٌ لضحاياٍ وأسرٍ انتظرت كثيرًا من جهةِ الدولة والمجتمع.
الرواية
في خضم العمل الميداني وجدت الكتابة ملجأً ومخزنًا للمعنى. بعد أشهر من الكتابة المتقطعة والمركّزة، أنا على مشارف إنهاء روايتي الأولى — نصٌ يستلهم من تجاربٍ واقعية، ويُحاول أن يروي قصص انكسارٍ وصمود، ويركّز على البُعد الإنساني دون مَبالغةٍ عاطفية. هذه الرواية ليست ترفًا؛ هي محاولة لترتيب ما رأت عيوني وما عاشه قلبي، وتحويله إلى مادة قد تفيد قارئًا أو تُبيّن حقيقةً يُخفى كثيرًا عنها.
مؤسسة سيف للقانون — العودة القريبة
وأخيرًا، أُعلن أن مؤسسة سيف للقانون على وشك العودة بعملٍ عملي وفعّال خلال وقتٍ قريب جدًا. العودة ستكون مدروسة ومركّزة على دعم قضايا ملموسة وحماية حقوق الناس بآليات قانونية واضحة. لا عودة للشكليات؛ هدفنا خدمة الناس وإحداث فرق حقيقي.
الدرس الذي استخلصته من هذه الفترة: ليس المهم كم مرّرتَ من سقوط، بقدر أهمية ما تفعله بعده. القوة الحقيقية أن تنهض، تعيد ترتيب أهدافك، وتعمل من موقع خلق قيمة للآخرين.
شكراً لكل من وقف معي، ولكل كلمة دعم وصلت ، ولكل دعم مادي " سلف" وتقريبا لم ارد معظمها إلى الآن لكن انا بصدد إصلاح كل الأشياء ورد كل الديون والشكر والامتنان للمعروف حتى آخر نفس في حياتي
والشكر الف مره لكل كلمة خبيثة وظن سوء وكل تشكيك بشكل او بأخر ، كنتم وقود مهم وفعال لكل خطوة من خطواتي خلال ال 8 أشهر الماضية.
#نقاش_دوت_نت