
بنك أوف أمريكا : له فروع في 35 دولة ويخدم 56 مليون عميل ويدير أصولًا تتجاوز 2.4 تريليون دولار

في بداية القرن العشرين، لم تكن البنوك الأمريكية تهتم بالطبقة العاملة، إذ كان الفقراء والمهاجرون يلجؤون إلى المرابين للحصول على القروض.
" أماديو جيانيني " ، وهو ابن مهاجرين إيطاليين، رأى فرصة مختلفة. فبدلًا من التركيز على الأثرياء فقط، قرر إنشاء بنك يخدم الناس العاديين.
أسس بنكًا جديدًا أطلق عليه "بنك إيطاليا" (الذي أصبح لاحقًا بنك أوف أميركا) على أساس ثلاثة مبادئ:
تقديم الخدمات المالية للمهاجرين وأصحاب المشاريع الصغيرة.
قبول الودائع بدءًا من 10 دولارات فقط.
تقديم القروض بناءً على الثقة وليس الضمانات التقليدية.
كارثة سان فرانسيسكو 1906: الاختبار الحقيقي
في عام 1906، ضرب زلزال مدمر بقوة 7.9 درجة مدينة سان فرانسيسكو، واستمرت الحرائق لثلاثة أيام، مما أدى إلى إغلاق البنوك تمامًا.
أدرك جيانيني أن الناس بحاجة إلى المال لإعادة البناء. وبينما كان المصرفيون الآخرون عاجزين عن التصرف، اتخذ هو قرارًا جريئًا.
قام بتحميل النقود والذهب على عربات وأخفاهما تحت صناديق الفاكهة، ثم خرج من المدينة قبل أن تدمره النيران.
وفي غضون أيام، أنشأ بنكًا مؤقتًا على لوح خشبي، وبدأ في تقديم القروض للناس بناءً على مصافحة اليد فقط.
عندما أُعيد بناء المدينة، كان بنكه هو الأقوى في كاليفورنيا،وبحلول عشرينيات القرن الماضي، أراد جيانيني توسيع أعماله إلى مستوى البلاد. ولكن كان هناك عقبة واحدة: جي بي مورغان الابن، أقوى مصرفي في وول ستريت.
رأى مورغان في جيانيني دخيلًا يحاول غزو منطقته المالية، فشن حملة تشويه ضده:
قام بالتلاعب بأسهم بنك إيطاليا لإضعافها.
نشر شائعات كاذبة عن أوضاعه المالية.
حاول دفعه نحو الإفلاس.،لكن جيانيني لم يستسلم.
أسس شركة Transamerica Corporation لحماية مؤسساته المالية،وحشد المستثمرين الصغار للحفاظ على ثقتهم به ، وصمد أمام الهجوم، حتى اضطر مورغان إلى التراجع.
وفي النهاية، نجح جيانيني في اقتحام وول ستريت وأعاد تسمية مصرفه ليصبح بنك أوف أميركا.
الانهيار الكبير 1929: كيف نجا بنك أوف أميركا؟
عندما انهار سوق الأسهم عام 1929، انهارت معه آلاف البنوك. لكن بنك أوف أميركا ازدهر، لأن جيانيني لم يستثمر أمواله في الأسهم، بل راهن على مستقبل أمريكا.
موّل أول فيلم رسوم متحركة لديزني (سنو وايت والأقزام السبعة)،وبحلول عام 1945، أصبح بنك أوف أميركا أكبر بنك في العالم.
صعود البنك... ثم تحوله إلى مؤسسة بيروقراطية
بعد وفاة جيانيني عام 1949، استمر البنك في التوسع، لكنه بدأ في التحول إلى ما كان جيانيني يحاربه: مؤسسة مصرفية ضخمة تركز على الأرباح أكثر من خدمة العملاء.
في الستينيات، أطلق أول بطاقة ائتمانية (BankAmericard، التي أصبحت لاحقًا فيزا).
في السبعينيات والثمانينيات، ساعد في تمويل ثورة التكنولوجيا في وادي السيليكون،لكنه أصبح بيروقراطيًا وبطيئًا، ما جعله يخسر أمام منافسين مثل سيتي بنك.
أزمة 2008: السقوط والإنقاذ و بحلول عام 2008، كان بنك أوف أميركا في مأزق خطير.
عندما انهار بنك ليمان براذرز، تدهور النظام المالي بأكمله، وأُجبر بنك أوف أميركا على شراء شركات متعثرة مثل:
شركة Countrywide Financial (الذي كان مليئًا بالقروض المعدومة).
شركة Merrill Lynch (الذي كان على وشك الإفلاس).
وفي النهاية، لم يكن أمام الحكومة خيار سوى إنقاذ البنك بمبلغ 45 مليار دولار.
موّل مشروع جسر البوابة الذهبية عندما رفضت البنوك الأخرى تمويله،ودعم الاقتصاد خلال الكساد العظيم عبر تمويل المشاريع الصغيرة.
بنك أوف أميركا اليوم
على الرغم من العقبات، تمكن بنك أوف أميركا من النجاة، وهو اليوم:
يدير أصولًا تفوق 2.4 تريليون دولار.
يخدم أكثر من 56 مليون عميل عبر الخدمات المصرفية الرقمية، له فروع في أكثر من 35 دولة حول العالم.
قصة أماديو جيانيني ليست مجرد قصة نجاح مصرفي، بل ثورة حقيقية في عالم المال، حيث وضع الثقة بالناس العاديين قبل الأرباح، وغيّر النظام المصرفي الأمريكي إلى الأبد.
#نقاش_دوت_نت