
خذوا العبرة من التاريخ

يتداول هذه الأيام كثير من المرجفين والمنافقين بث روح الهزيمة والمطالبة بتسليم السلاح ورفع الراية البيضاء، وتعظيم قوة العدو وأنه لا يمكن مقاومته أو الانتصار عليه، وأن الحل هو التنازل له عن السيادة وعن أرض فلسطين وفوقها شرط أن يطبع كل العرب معه ويتعهدوا بعدم مقاومته ويتعهدوا بدمجه في المنطقة بالاقتصاد والزواج والسياحة وكل شيء،
وعليه أود أن أذكر الجميع بعدة أمثلة ثم نختمها برد عن الواجب.
٦ فيتنام: عانت سنوات من الحصار والقتل والتشريد، واضطر أبناؤها لحفر الأنفاق بأظافرهم وهم يواجهون أقوى دولة في العالم.
والنتيجة: هزموا أمريكا وعاشوا أحرارًا.
أفغانستان: احتُلت من قبل الاتحاد السوفييتي ثم أمريكا، وهما أعظم قوتين في العالم، فحاصرهم العالم بأسره، واستمروا يقاتلون في الجبال عقودًا من الزمن رغم العذاب والدمار والتشريد.
والنتيجة: انتصروا وهزموا القوتين العظميين، والآن يعيشون بسلام، هم وأجيالهم القادمة.
الجزائر: احتلتها فرنسا، إحدى أقوى دول العالم آنذاك، فقاومها شعبها لأكثر من 150 عامًا، وقدموا أكثر من مليون ونصف شهيد، ولا تزال جماجم أبطالهم حبيسة المتاحف الفرنسية.
والنتيجة: انتصروا واستعادوا حريتهم، لهم ولأجيالهم.
ليبيا والصومال: احتلتهما إيطاليا لعقود، ورغم ذلك أصر أهل الأرض على المقاومة ورفضوا توقيع أي اتفاق استسلام أو تثبيت للاحتلال.
والنتيجة: هُزمت إيطاليا،
وتحررت الأرض، وبقي الشعب حرًّا.
كل هذه الأمثلة كان فيها أهل الأرض وحدهم من يقاتلون، إذ لم تكن بلادهم مقدّسة تخص جميع المسلمين.
فكيف بفلسطين؟! وهي أرض مقدّسة، ترتبط بعقيدة كل مسلم، كيف تُستثنى من هذا الواجب، ويُسلَّم جزء منها لمن وصفهم الله بأسوأ الصفات، وحذّر منهم مرارًا في كتابه العزيز، وجعل محاربتهم فرضًا من فروض الدين؟!
هذه الأمثلة هي غيض من فيض، والتاريخ لم يشهد أبدًا أن شعبًا قدَّم تنازلات طواعية للمحتل بنسبة 72% من أرضه منذ أكثر من 32 عامًا، ومع ذلك لم يرضَ المحتل، فتمادى في القتل والنهب والتهجير في الـ22% المتبقية.
والآن، يُطلب من أهل الأرض أن يُسلموا سلاحهم ويرفعوا الراية البيضاء، في وقت يُعلن فيه المحتل، وبشكل رسمي، نيته احتلال 100% من الأرض!
إن هذا التخاذل والتنازل، وهذه الخيانة التي يمارسها بعض العرب، ستكون وصمة عار في جبين الأمة، لم يسبق لها مثيل في تاريخ الأمم، وستبقى مثالًا شاذًّا ومشينًا تتناقله الأجيال.
لذلك، نقول:
أفيقوا يا أمة الإسلام!
قِفوا مع أهل فلسطين، وواجهوا الخونة الذين باعوا 78% من الأرض، ويتآمرون اليوم لبيع ما تبقى، حفاظًا على كراسيهم وصفقاتهم الدنيوية.
أن تخاذلكم اليوم عن نصرة إخوانكم في الدين والعروبة، والقبول بعدو الله ورسوله أن توادوه وتصادقوه لهو هوان وخيانة وجريمة وذنب عظيم.
أن صوتكم الهادر سوف يزلزل العدو ويقذف فيه الرعب، فلا يقبل العقل ولا المنطق أن تتحكم شرذمة لا يصل تعدادها 8 ملايين،
تتحكم في أمم تعدادها يفوق 300 مليون، نعلم أن الغالبية غثاء كغثاء السيل، ولكن الأقلية لو قامت بالواجب لانتصرت لأن الحق لها، والأرض لها، والله وملائكته معها.