
فتاتان من فلسطين

الفتاة أعلاه هي فلسطينية فرنسية، والفتاة الأسفل هي أيضاً فلسطينية فرنسية.
في الأعلى تقف ريما حسن، اللاجئة التي عرفت معنى الفقر والحرمان. طُردت عائلتها من وطنها، فهجّرت إلى سوريا، ثم ساقهم قدر المنفى إلى باريس. هناك كبرت وترعرعت ولم تستسلم لليأس، بل درست الحقوق وأثبتت نفسها حتى اعتلت مقعدًا في البرلمان الأوروبي. منذ اندلاع المجزرة في غزة لم يتوقف صوتها، لم تساوم، لم تساير. صاحت بالحق في أروقة أوروبا، وركبت البحر في أساطيل الحرية، فدفعت ثمن مواقفها أسْرًا في سجون النقب المحتل.
وفي الأسفل تقف زهوة ياسر عرفات، ابنة الزعيم الذي ترك خلفه ميراثًا غامضًا. وُلدت وفي فمها معلقة من ذهب، ثم اختارت بإرادتها العيش في فرنسا مع أمها الفرنسية، تلك التي ارتبط اسمها بسرقة ستة مليارات دولار من أموال شعبنا، أموال زُعم أنها "مدخرات" زوجها ياسر عرفات، مدخرات لا يحصل عليها ولا حتى مدير شركة! درست الحقوق هي الأخرى، لكن أي حقوق؟! فمنذ بداية الإبادة لم يخرج لها صوت، ولم يُر لها أثر. صمتت صمتًا مريبًا، منشغلة بإدارة مشاريع مشبوهة قامت على المال المنهوب من دماء الفلسطينيين ومعاناتهم.
هنا تتجلّى المفارقة:
ابنة المخيمات التي حملت فلسطين في قلبها حتى وهي تُساق إلى السجن، وابنة القصور التي باعت صوتها وقضيتها وشعبها وصمتت، مكتفية بترف المال الحرام.