من نحن اتصل بنا سياسة الخصوصية
×

من كواليس التصوير إلى خنادق القتال.. فنانون حملوا السلاح في حرب أكتوبر

القاهرة : أحمد نيازى الشريف
 من كواليس التصوير إلى خنادق القتال.. فنانون حملوا السلاح في حرب أكتوبر

فى الذكرى ال 52 لانتصارات أكتوبر 


حين دقّ ناقوس الحرب في السادس من أكتوبر 1973، لم يكن النداء موجّهًا فقط للجنود على الجبهة، بل تسلّل أيضًا إلى قلوب الفنانين الذين تركوا مواقع التصوير وبلاتوهات السينما، ليلتحقوا بصفوف المقاتلين على الجبهة، مؤمنين بأن الدفاع عن الوطن لا يُقاس بالمهنة بل بالانتماء.

ففي لحظة تاريخية فاصلة، امتزجت الشهرة بالبطولة، والكاميرا بالبندقية، حين تحوّل نجوم الفن إلى جنود حقيقيين حملوا السلاح وشاركوا في صنع النصر.

ويستعرض إليكم موقع "نقاش الإخباري" خلال السطور التالية نخبة من الفنانين الذين تركوا كواليس التصوير وبلاتوهات الفن، ليلتحقوا بصفوف المقاتلين في أعظم ملحمة تاريخية خاضتها مصر في حرب أكتوبر المجيدة، الحرب التي زلزلت حصون الكيان الإسرائيلي المغتصِب، وسجّلت درسًا خالدًا في الكرامة والعزة سيبقى محفورًا في ذاكرة الأجيال.


 محمود ياسين.. الصوت الذي دوّى بين المدافع


فلم يكن الفنان الراحل محمود ياسين مجرد وجه وطني في السينما، بل كان من أكثر الفنانين التحامًا بالقوات المسلحة خلال الحرب، وانتقل إلى الجبهة ضمن فرق الدعم المعنوي، يشارك الجنود لحظاتهم في الخنادق ويؤدي لهم التحية في لحظات القتال.

كما عُرف عنه وقتها انضباطه العسكري وحبه للجنود، حتى لقبه البعض بـ"الفنان المقاتل"، لأنه رفض الاكتفاء بالدور الرمزي وأصر على التواجد في الصفوف الأولى.


 أحمد بدير.. جندي حقيقي على أرض المعركة


ومن بين الفنانين الذين شاركوا فعليًا في العمليات العسكرية أيضا، يأتي اسم الفنان أحمد بدير، الذي خدم مجندًا في سلاح الإشارة أثناء الحرب، وكان على خطوط المواجهة.

وكما روى "بدير" في أكثر من لقاء أنه عاش لحظات الخطر والموت لحظة بلحظة، وأنه رأى زملاءه يسقطون شهداء أمام عينيه، مؤكدًا أن تلك التجربة غيّرت مجرى حياته وجعلته ينظر للفن كرسالة لها جذور في الوطنية الحقيقية.


 نبيل الحلفاوي.. ضابط في سلاح البحرية


لم يكن الفنان الراحل نبيل الحلفاوى مجرد متفرج على النصر، بل كان جزءًا من المنظومة العسكرية التي صنعته. فقد خدم في القوات البحرية المصرية، وشارك في مهام بحرية خلال فترة الحرب.

دائمًا ما يتحدث الحلفاوي بفخر عن تلك المرحلة التي يعتبرها "الدراما الحقيقية" التي شكّلت وعيه، وقال في أحد تصريحاته: "عندما تعيش وسط رجال يقاتلون من أجل الأرض، لا يعود هناك دور أهم من أن تكون مصريًا بحق."


 محمد صبحي.. تجربة الجبهة التي صنعت وعيه الفني


كما سطرت قائمة الأبطال المشاركين في هذا الحدث الجلل إسم الفنان محمد صبحى، والذى كان قريباً من ساحات النضال، إذ خدم كمجند في الجيش المصري خلال فترة الاستعداد للحرب، وكان شاهداً على التحضيرات الميدانية والنفسية للجنود قبل العبور العظيم.

وقد انعكست تلك التجربة في كثير من أعماله الوطنية لاحقًا، لكنها بالنسبة له لم تكن ذكرى فنية، بل تجربة حياة غيّرت نظرته للعالم، بعدما رأى بعينيه "المصري البسيط وهو يصنع المعجزة".


 فاروق الفيشاوي.. على جبهة القتال قبل الشهرة


وقبل أن يعرف الجمهور الفنان الراحل فاروق الفيشاوي كواحد من أبرز نجوم السينما المصرية، كان يعمل ضابطاً احتياطاً في القوات المسلحة أثناء الحرب.

حيث شارك في مهام ميدانية على الجبهة، وكان يفتخر دائمًا بأنه "ارتدى الزي العسكري قبل أن يقف أمام الكاميرا"، معتبرًا أن ما عاشه على الجبهة أكبر من أي دور تمثيلي يمكن أن يقدمه لاحقًا.


نادية لطفي.. فنانة على الجبهة ورفيقة الجنود


لم تكتف نادية لطفي بالدعم المعنوي من بعيد، بل قررت التوجه بنفسها إلى الجبهة أثناء الحرب لترافق الجنود، وتقدم لهم الدعم النفسي والإنساني، حيث حملت معها كاميرتها لتوثّق لحظات النصر والمقاومة.

وكانت "لطفى" بين الصفوف الأمامية للمقاتلين، وقد رفضت مغادرة الجبهة رغم المخاطر، لتصبح واحدة من رموز الفن الوطني النسائي في تلك الحقبة.


تحية كاريوكا.. قلب من ذهب في زمن الحرب


ورغم شهرتها كنجمة استعراض، فإن تحية كاريوكا كانت من أوائل الفنانات اللواتي قدّمن الدعم الفعلي للجنود والمصابين أثناء الحرب.

وقامت "كاريوكا" بتنظيم حملات تبرع، وزارت المستشفيات العسكرية، وقدّمت دعمًا ماديًا ومعنويًا للمقاتلين، مؤكدة في تصريحاتها وقتها أن "كل فنان مصري عليه واجب في المعركة، ولو بكلمة صادقة أو لمسة حنان."


 فنانون في ميدان الشرف.. بطولات خلف الكواليس


لم تقتصر المشاركة على هؤلاء فقط، بل كان هناك آخرون من أبناء الوسط الفني خدموا كمجندين أو متطوعين في قطاعات مختلفة، بعضهم لم يُعرف عنه ذلك إلا بعد سنوات طويلة، وكانت الجبهة آنذاك تمثل مدرسة وطنية خرجت منها أجيال من الفنانين تعلموا أن البطولة ليست مشهدًا يُعاد، بل موقف يُعاش.



 أسماء أخرى في الذاكرة العسكرية للفن المصري


محمود الجندى.. بطولات فى صمت 


في ذاكرة حرب أكتوبر تبقى أسماء فنية أخرى كتبت فصولًا من البطولة في صمت، فقد خدم الفنان محمود الجندي كمجند في القوات المسلحة، وكان من الناجين من حادث انفجار ذخيرة أثناء فترة خدمته، وهو ما ترك بصمة إنسانية عميقة في شخصيته.


محمد العربى ... والضفة 


كما شارك الفنان محمد العربي ضمن صفوف الجيش خلال الحرب، وكان شاهدًا على مشاهد العبور من الضفة الغربية لقناة السويس.


صلاح السعدنى... والجبهة 


أما الفنان صلاح السعدني فكان ضمن دفعات الاحتياط التي شاركت في المهام العسكرية الداعمة للعمليات القتالية في الجبهة.

فهذه الأسماء وغيرها، ربما لم تُكرَّم رسميًا كأبطال عسكريين، لكنها تبقى جزءًا من النسيج الوطني الذي صنع نصر أكتوبر بدماء وشجاعة أبناء مصر من كل المجالات.


حين يصبح الفن موقفًا.. رسالة أكتوبر للأجيال


لقد أثبت الفنانون الذين شاركوا في الحرب أن الانتماء لا يُقاس بعدد الأدوار أو الشهرة، بل بالفعل والموقف.

هؤلاء حملوا السلاح حين احتاجهم الوطن، ثم حملوا بعد النصر الكلمة والصورة ليحكوا للأجيال قصة المجد التي صنعوها