رفاعة الطهطاوي.. رائد التنوير ومؤسس مدرسة الألسن في ذكرى ميلاده الـ224
يتزامن اليوم الذكرى الـــ 124 لواحد من أهم رواد النهضة الحديثة الذى بزغ اسمه وأصبح علامة مضيئة في تاريخ الفكر العربي والإسلامي، أنه رفاعة رافع الطهطاوي، مؤسس مدرسة الألسن العريقة، أحد أبرز رواد الفكر والتنوير في مصر والعالم العربي، وصاحب الدور الريادي في نقل العلوم والثقافة الغربية إلى العربية، وإرساء دعائم حركة الترجمة الحديثة.
ولد الشيخ رفاعة الطهطاوي في مدينة طهطا بمحافظة سوهاج بصعيد مصرفي 15 أكتوبر عام 1801م، ونشأ في أسرة أزهرية محبة للعلم، فحفظ القرآن الكريم صغيرًا، ثم التحق بالأزهر الشريف حيث تلقى علوم اللغة والفقه والشريعة، وتخرج من بين صفوف علمائه متميزًا بفكره المتفتح وقدرته على التحليل والمناقشة.
حيث اختير في عام 1826م ضمن أول بعثة تعليمية مصرية أرسلها محمد علي باشا إلى فرنسا، وكانت نقطة تحول فاصلة في حياته؛ إذ أُرسل كإمام للبعثة ليهتم بشؤونها الدينية، لكنه انتهز الفرصة لدراسة اللغات والعلوم الحديثة والفكر الأوروبي، فأتقن الفرنسية وبدأ في ترجمة الكتب والمؤلفات التي اطلع عليها هناك.
وعاد الطهطاوي إلى مصر عام 1831 حاملاً معه كنوزًا من المعارف والخبرات الجديدة، فبدأ مشروعه الوطني الثقافي الكبير بتأسيس مدرسة الألسن عام 1835، لتكون منارة للترجمة والتعليم الحديث، ومركزًا لإعداد جيل من المترجمين والعلماء يسهمون في نهضة البلاد.
كما عُيّن الطهطاوي أول مترجم مصري في كلية الطب، وأسندت إليه مهمة إصدار جريدة "الوقائع المصرية" باللغة العربية بدلًا من التركية، في خطوة تاريخية أسست لصحافة وطنية ناطقة بلسان المصريين، تعبر عن فكرهم وثقافتهم.
لكن مسيرته التنويرية لم تخلُ من التحديات؛ إذ تعرض الطهطاوى للنفي إلى السودان في عهد الخديوي عباس حلمي الأول بسبب آرائه التقدمية ودعوته إلى التعليم والانفتاح، غير أنه عاد إلى مصر لاحقًا ليستأنف رسالته في خدمة اللغة والعلم.
ورحل رفاعة الطهطاوي عام 1873 بعد أن ترك إرثًا فكريًا عظيمًا في مجالات الترجمة والتعليم والإصلاح الثقافي، وكتبًا خالدة مثل "تخليص الإبريز في تلخيص باريز" الذي يُعد من أوائل ما عرّف المصريين والعرب بالحضارة الأوروبية الحديثة.
وبرغم مرور أكثر من قرن على رحيل رفاعة الطهطاوي، يظل رمزًا خالدًا للعقل المستنير، وعلامة فارقة في مسيرة الفكر العربي الحديث، وواحدًا من أوائل من أدركوا أن العلم والمعرفة هما الطريق الحقيقي لنهضة الأوطان.
#نقاش_دوت_نت
0
