الدكتور محمد حسن غانم: حيث يلتقي علم النفس بروح الإبداع
يُعد الدكتور محمد حسن غانم نموذجًا ملهمًا للأكاديمي المصري الذي جمع ببراعة نادرة بين منهجية وصرامة العلم، وشفافية وروح الأدب. فهو أستاذ علم النفس المتفرغ بكلية الآداب – جامعة حلوان، وعضو المجلس الأعلى للثقافة، والاتحاد العام للأدباء والكتّاب العرب، واتحاد الكتّاب المصريين. لم يكتف بدراسة أعماق النفس البشرية في أبحاثه ومحاضراته، بل انطلق منها إلى فضاء الأدب الرحب، ليجد في كلماته روح تلك النفس وتجلياتها الأسمى.
وقع اختياري عليه في هذه الصفحة من سلسلة "مبدعو أرض الكنانة" لأنه يمثل نموذجًا استثنائيًا لأكاديمي مثقف يجسد هذه الثنائية المتفردة بين العلم والإبداع.
على مدار مسيرته، شيد الدكتور غانم جسرًا متينًا بين علم النفس الإكلينيكي والتحليل النفسي من جهة، وعوالم الثقافة والأدب والنقد من جهة أخرى. فجاءت إسهاماته البارزة في علم النفس الإكلينيكي امتدادًا طبيعيًا لحضوره في ميادين الثقافة والأدب، في تجربة تزاوج فريدة وحوارية خلاقة أثبتت أن التحليل العلمي والخيال الأدبي وجهان لحقيقة إنسانية واحدة.
اتسمت مؤلفات الدكتور غانم بتنوعها وثرائها؛ إذ امتدت من سبر أغوار الشخصية المصرية، إلى استكشاف العلاقة الجدلية بين النفس والمجتمع، وصولًا إلى كشف أسرار الإبداع الأدبي. كما مثلت دراساته النفسية للأعمال الأدبية بصمات مضيئة وإضافات نوعية في مسار النقد النفسي العربي المعاصر، حتى شكلت إسهامًا محوريًا أعاد ترسيخ مكانة البعد النفسي في قراءة النصوص الأدبية ومقاربتها.
أما في محيطه الأكاديمي، فقد عرفه طلابه وزملاؤه قدوةً ونموذجًا في الالتزام والجدية، وذاكرة كنزية موسوعية حافلة بالمعرفة والخبرة، وقدرة نادرة على تقديم المفاهيم العميقة في لغة بسيطة وراقية، بليغة وشفافة. وقد انعكست هذه السمات على كتاباته الإبداعية، سواء في القصة أو المقال أو التأملات الفكرية، التي يتجلى فيها حس إنساني عميق يوازن بين منطق العقل ودفء العاطفة، وبين إملاءات الواقع وسماء الحلم.
بهذه المسيرة الغنية بالعطاء العلمي والإبداعي، يلمع اسم الدكتور محمد حسن غانم كأحد أبرز الوجوه الثقافية التي أثرت المشهدين المصري والعربي علمًا وإبداعًا، مقدمًا نموذجًا مكتمل الأبعاد للمثقف الذي لا يفصل بين عمق الفكر وإشراقة الإبداع.
