من نحن اتصل بنا سياسة الخصوصية
×

حكاية فنان أضحكنا وهو يبكي.. عبد المنعم إبراهيم البسمة التي قاومت الحزن

القاهرة: أحمد نيازى الشريف
حكاية فنان أضحكنا وهو يبكي.. عبد المنعم إبراهيم البسمة التي قاومت الحزن



عبد المنعم إبراهيم.. ضحكة تخفي وجعاً كبيراً



واحداً من أبرز الوجوه في تاريخ الكوميديا المصرية، وصاحب البصمة الخاصة التي جمعت بين خفة الظل والعُمق الإنساني، بين الضحك الذي يلامس القلب والحزن الذي يسكن خلف الملامح، أنه الفنان والإنسان عبدالمنعم إبراهيم الذى يتزامن اليوم ذكرى ميلاده تاركاً وراءه إرثا فنياً خالداً مازال موجودا في أذهان الكثيرين.

حيث وُلد عبد المنعم إبراهيم في 24 أكتوبر عام 1924 بمدينة بني سويف، وتخرج في المعهد العالي للفنون المسرحية عام 1949، ليبدأ مشواره الفني عبر المسرح القومي، قبل أن تفتح له السينما أبوابها ليصبح واحدًا من أكثر الفنانين حضورًا وتأثيرًا في وجدان الجمهور العربي.

عرفه الجمهور خفيف الظل، سريع البديهة، وصاحب أداء طبيعي يفيض صدقًا، فصنع مدرسة خاصة في الكوميديا الراقية، وقدم عشرات الأدوار التي ما زالت عالقة في الذاكرة، من بينها: "إشاعة حب"، "سكر هانم"، "سر طاقية الإخفاء"، "الحلوة عزيزة"، "الزوجة 13" وغيرها من الروائع التي جعلت اسمه مرادفًا للبسمة النظيفة والفن الراقي.

ورغم تفوقه في الكوميديا، إلا أن عبد المنعم إبراهيم كان قادرًا على لمس مشاعر الجمهور في الأدوار التراجيدية، مقدماً شخصيات مليئة بالصدق والإنسانية، أبرزها في أفلام "ليلة القبض على بكيزة وزغلول" و"المركب اللي تايهة"، حيث أظهر عمقًا تمثيليًا يعكس عبقريته في الانتقال بين النقيضين دون افتعال.

وعلى مستوى المسرح فقد انضم عصفور السينما المصرية لفرقة المسرح الحديث ثم المسرح القومي، قبل أن ينتقل إلى فرقة إسماعيل ياسين، وحقق حضورًا إذاعيًا مميزًا عبر برنامج “ساعة لقلبك”، الذي كان بوابة انطلاق لكثير من نجوم الكوميديا

كما تميز أيضًا الفنان عبدالمنعم إبراهيم بطلاقته في اللغة العربية الفصحى وفصاحته اللافتة في الإلقاء، وهو ما برز في أعماله الإذاعية والمسرحية، حيث كان يمتلك صوتًا مؤثرًا وقدرة استثنائية على الأداء اللغوي السليم، جعلته مثالًا للفنان المثقف والمتمكن من أدواته.

أما على المستوى الإنساني، فقد كانت حياة عبد المنعم إبراهيم مليئة بالمآسي التي أخفاها خلف ضحكته، إذ فقد زوجته مبكرًا نتيجة مرضها المزمن وبعد أشهر قليلة رحلت لتترك ورائها أربعة أبناء ليكمل وحده مسئوليتهم، كما رحل والده ووالدته ونجله في سنوات متقاربة، تاركين في نفسه جراحًا لم تندمل. ومع ذلك، ظل صامدًا، يقف أمام الكاميرا بابتسامته المشرقة، يضحك الملايين وهو يحمل بداخله أحزانه بصمت النبلاء.

ورحل عبد المنعم إبراهيم في 17 نوفمبر عام 1987، تاركًا إرثًا فنيًا وإنسانيًا لا يُمحى، وفنًا نظيفًا لا يشيخ، وابتسامة باقية تشهد أن وراء كل ضحكة صادقة إنسانًا عظيمًا قاوم الألم بالفن.