إيمان عز الدين: أدوات الناقد وعبور الثقافات في قراءة "حواديت الآخر" لحسام فخر
يُعَّدُ تحليل الدكتورة إيمان عز الدين لـ "حواديت الآخر" لحسام فخر صورة جلية لمنهج نقديٍّ رصين يجمع بين جلاء التحليل البنيوي ونفاذ الرؤية في السياق الثقافي؛ إذ شرعت أولا في تحديدٌ دقيقٌ لنمط العمل الأدبية فصنفته إلى ما يُعرف بـ "المتتالية القصصية"، وعمدت إلى تفكيك بنية السرد فيه، مُرجِعة العلاقة بين الراوي و"الآخر" إلى موروث "ألف ليلة وليلة". ولا يفوت القارئ ما وظفته في مراجعتها من مصطلحات نقدية ذات الصلة مثل "التناص" و"الموروث وما بعد الحداثي" و"الجديلة السردية". وقد أحسنت الكاتبة استخلاص وظيفة الشخوص، متمثلة في دور "الآخر" (شهرزاد) والكاتب (شهريار)، كما أولت اهتمامًا للغة الحكي وما تضمنته من عامية وشفوية وأمثال شعبية على نحو يربطها بأصول الحكاية وخصائصها. ويظهر نفاذ بصيرتها في تعمقها في رمزية "مدينة النحاس"، حيث كشفت دور رمزيتها بوصفها أداة لنقد المدنية الحديثة وغربة الروح ، فغدت القصص الفردية استعارات لأزمات وجودية وسياسية عميقة، من فقدان للهوية إلى سيادة للمادية الصارمة.
كذلك اتسعت الخلفية الثقافية للدكتورة إيمان عز الدين لتشمل ضروبًا من المعارف؛ فمن جهة، استندت إلى إحاطة بالتراث السردي العربي، خصوصًا "ألف ليلة وليلة"، لتأصيل الإطار الحكائي. ومن جهة أخرى، وظفت وعيها بالثقافة الغربية والنقد الاجتماعي، فجاءت مقارنتها التحليلية بين "مدينة النحاس" ورمزية فيلم «متروبوليس» (1927) دليلاً على قدرتها على قراءة العمل في سياق فني عالمي. ولم تُغفل أيضًا الإحاطة بالأحداث المعاصرة، إذ ربطت بين رمزية "هجوم الطير الأبابيل" وأحداث 11 سبتمبر. وأخيرًا، دل تركيز المقالة على قضايا "المثقف المهاجر" وصراع الاغتراب على أن الكاتبة تعمل ضمن إطار النقد الثقافي الذي يتناول قضايا الهوية والصراع الحضاري. وحقًا، يمثل هذا المقال نموذجًا للنقد الثقافي التحليلي في مزجه بين التراث والأدب العالمي والسينما بما يسمح بوضع النص الإبداعي لحسام فخر في سياقه الثقافي الشامل.
#نقاش_دوت_نت
