لماذا يعد الحب من العذابات الأسطورية؟
كتب الشاعر الإيطالي تشيزاري بافيزي في الصفحات الأخيرة من يومياته التي لم تكتمل " مهنة العيش " : أننا لا ننتحر بسبب الحب من أجل امرأة، بل ننتحر لأن الحب،أي حب يكشف عرينا وبؤسنا..يكشف عزلا وسط العدم ".
ويضيف بافيزي :"يصرُّ العاشق الحقيقي على ضرورة ٱن تستمر العلاقة إلى الأبد ، لأن الحياة ألم ، والحب تخدير ، من سيرغب ٱن يفيق في منتصف عمليّة جراحية؟ "
انتحر بافيزي في غرفة فندق في تورينو بابتلاعه جرعة مفرطة من حبوب منومة وهو في الثانية والأربعين من عمره ،بعد خمسة أشهر من علاقة غرامية مشؤومة مع شابة أمريكية أصبحت ممثلة فيما بعد عام 1950.
لذة الحب لا تدوم سوى لحظة، أما ألم الحب فيستمر طوال الحياة .
ويعد الكتاب الرابع للوكريس عن " طبيعة الأشياء " بمثابة قصيدة فلسفية طويلة ،تتناول التطور المستمر للكون واضعا صورة مرعبة للتوله الغرامي، عندما استحضر فكرة طاعون أثينا.
يجد رجل متجول منهك فراشا ويتمدد عليه فيهدأ، ويأكل طبقا من العدس فيشبع أما مع الحب فالأمر يختلف..فهو الجدير بأشد العذابات الأسطورية. وخاصة عذاب " تنتالوس " المحكوم عليه بمشاهدة الماء وهو يتلاشى من على الأرض،بينما يحاول اللحاق بقطرة منه تروي عطشه.
وعندما يمتلك العشيق عشيقته لا شيء يهديء من لوعته العميقة، فالتشوش الجنسي والعاطفي يضيق الخناق حوله، إذ يرتبط بها ارتباطا لافكاك منه .
ويقول الماركيز دو ساد: عيون العشاق لا تشبع من النظرات المتولهة، ولا تقوى الأيدي عن الابتعاد عن الأجزاء الحميمة، فتهيم بالجسد كاملا حيث تندمج الأجساد، ويمتزج الرضاب، فم يضم الآخر، فتختلط أسنانهم، وتتماص ألسنتهم، عبثا بلا قدرة على الانتزاع أو الاختراق ،فكل منهما غارق بالكامل في جسد الآخر.
#نقاش_دوت_نت
0
