من نحن اتصل بنا سياسة الخصوصية
×

نهى الزينى ومجدى الجلاد والعبد لله

محمد البرغوثي
نهى الزينى ومجدى الجلاد والعبد لله

لاأعرف إلى متى سيظل الأستاذ مجدى الجلاد حريصا على إخفاء دورى فى رفع توزيع جريدة المصرى اليوم من ١٧ ألف نسخة يوميا إلى ٦٠ ألف نسخة فى ضربة صحفية واحدة ؟ .

كلما سمعته يتحدث عن أمجاده الصحفية أتصور أنه سيراجع نفسه ويمنحنى حقى المعنوى، وخصوصا أن أهم سبب لإخفاء دورى قد زال تماما، فالمهندس صلاح دياب ممثل ملاك المصرى اليوم لوعرف الحقيقة الآن فلن يطيح بمجدى من منصب رئيس التحرير ويسنده لى مثلا. وحتى لو علم صلاح بالحقيقة فى حينها فلن يفعل شيئا، ولن يسند رئاسة التحرير لشخص مثلى يفتقر إلى الحد الأدنى من " آداب " التعامل مع ملاك الصحف الرأسماليين.

دائما وأبدا يستعيد مجدى الجلاد قصة صعوده المهنى ، فلا يجد فى جعبته ضربة بداية أفضل من المانشيت الرهيب ( تزوير الانتخابات تحت إشراف القضاة) الذى تصدر الصفحة الأولى من المصرى اليوم صباح يوم ٢٤ نوفمبر ٢٠٠٥، وهو رهيب فعلا لأنه لم يسبق لأحد أن تجرأ على اتهام القضاة أنفسهم بالتورط فى تزوير الانتخابات البرلمانية . والحقيقة أن مصر بكاملها ارتجت ،وبعد أن أفاقت أجهزة الأمن من هول الضربة سارعت إلى جمع المصرى اليوم من الأسواق ، وانهالت الاتصالات على الجريدة تسأل عن نسخ وتعرض شراءها بأى ثمن، فقررت إدارة الجريدة إعادة نشر المانشيت فى اليوم التالى، وزادت الإدارة المطبوع من ٢٠ ألف نسخة إلى ٦٠ ألف نسخة تم نسفها من السوق فى لحظات ، وبيعت النسخة بعشرين ضعف سعرها الرسمى فى كل مدن وقرى مصر. 

وقصة هذا المانشيت الرهيب حدثت كالتالى دون أى زيادة أو نقصان : 

كنت تعرفت على المستشارة الدكتورة نهى الزينى عام ٢٠٠٤ تقريبا ، بعد أن قرأت لها مقالا فاتنا فى الأهرام عن تأثير حقوق الملكية على حق الفقراء فى الدواء ، وكان من عادتى كلما قرأت لأحد يجيد الكتابة أن أتواصل معه لأضيفه إلى قائمة مصادرى، وذات يوم من عام ٢٠٠٥ طلب منى مجدى الجلاد أن أرشح للكتابة المنتظمة فى المصرى اليوم مجموعة كتاب جدد ، فقدمت له عدة أسماء كان من بينهم نهى الزينى، وفى اجتماع مجلس التحرير وافق مجدى على القائمة كلها باستثناء نهى الزينى ، على اعتبار أنها غير معروفة. 

وبعد شهور جاء موعد انتخابات مجلس الشعب على ثلاث مراحل تقريبا، وكان شقيقى محمود مرشحا فى دائرة منية النصر بالدقهلية ، فاستأذنت مجدى فى أجازة أسبوعين لمساندة شقيقى، وأثناء وجودى فى قريتى فوجئت باتصال من المستشارة نهى الزينى، التى لم تبادرنى بالسلام أو السؤال عن أحوالى كالعادة ، كانت فى حالة سيئة جدا، وخلال المكالمة عرفت منها أنها كانت - كقاضية بالنيابة الإدارية - مشرفة على إحدى لجان الانتخابات فى دمنهور ، وأنها بعد أن قامت بفرز الأصوات وإعداد تقرير بالنتيجة فوجئت ، هى وغيرها من القضاة ، بالقاضى المشرف على الانتخابات يعلن نتيجة مغايرة تماما لما تنطق به الأوراق ، وعندما اعترضت هى وغيرها من القضاة تعامل معها القاضى المشرف بطريقة غير لائقة. 

ولم يكن من عادتى أبدا أن أخطف تصريحا من مصدر فى حالة غضب ، فطلبت من الدكتورة نهى أن تهدأ وأن نعاود التحدث بعد وصولها إلى بيتها فى القاهرة ،وبعد ساعات اتصلت بى مرة أخرى لتطلب منى سرعة العودة إلى القاهرة ، لأنها لن تتحدث مع أحد غيرى حتى لايضع أحد على لسانها مالم تقله ، أو يحذف مما ستقوله كلمة واحدة. وكان كل تفكيرها آنذاك محصورا فى الإدلاء بشهادتها لجريدة الدستور ، فأقنعتها أن نشر شهادتها فى الدستور لن يُحدث الصدى أو الأثر المنتظر ، ورشحت لها المصرى اليوم شرط أن تكتب هى شهادتها بالطريقة التى تريدها ، مع تعهدى بعدم تغيير كلمة أو جملة إلا بعد الرجوع لها. وطلبت منها أن لاتكتب وهى تحت ضغط الانفعال أو الغضب. 

اتصلت بمجدى الجلاد وأخبرته بما حدث وقلت له أن نهى الزينى لن تأتمن أحدا على صياغة شهادتها ، فهى تحمل شهادة دكتوراة فى القانون العام وتعرف كيف تزن كلماتها بميزان شديد الدقة ، وهى حاصلة على دبلومة فى الأدب من السوربون، وتعرف أصول بناء شهادتها بطريقة مهنية ومشوقة، وما عليه إلا أن يتصل بها لإعطائها الإيميل الذى سترسل عليه شهادتها عن تزوير الانتخابات تحت إشراف القضاة. وفعلا أرسلت نهى الزينى مقالها العاصف ، فاتصل مجدى الجلاد بى ليخبرنى بأن المقال فعلا رهيب وهيقلب البلد ، وأنه يخشى أن تنكر نهى الزينى أنها كتبت هذه الشهادة وخصوصا أنها كتبتها على الكمبيوتر وأرسلتها دون إمضاء بخطها، فقلت له إنها لن تنكر ذلك أبدا حتى لوعلقوها على المشنقة ، وانتهى الأمر بأن طلبتُ منه أن يمهلنى دقائق حتى أستأذن الدكتورة نهى فى أن يذهب مجدى إليها ومعه هشام قاسم العضو المنتدب للجريدة لأخذ توقيعها على المقال ، وهو ماحدث فعلا. 

وصدرت المصرى اليوم فى اليوم التالى واليوم الذى بعده يتصدرها هذا المقال الذى أقام الدنيا ولم يقعدها ، وفى اليوم الثالث تصدر المصرى اليوم مانشيت أكثر هولا : نهى الزينى تحت حماية نادى قضاة مصر. 

فى هذه الأثناء اتصل بى مجدى ليشكرنى فى امتنان بالغ ، وأخبرنى أنه قريبا جدا سيكتب مقالا ينسب فيه الفضل لى ويكشف عن الدور الذى قمت به فى صعود المصرى اليوم إلى هذه القمة. 

ولكن حدث مالم يكن يخطر لى على بال ، عُدت من قريتى بعد انتهاء الانتخابات لأفاجأ أن مجدى خصم ١٥ يوما من راتبى ، وراحت الأيام تنصرم دون أن يكتب كلمة واحدة عن دورى فى هذا المانشيت وغيره من المانشيتات والحملات والملفات التى ساهمت بدور ما فى تربع المصرى اليوم على القمة ، والأغرب من ذلك أننى تلقيت اتصالا بعد شهور من أحد أعضاء مجلس نقابة الصحفيين يسألنى فيه : هو مين صاحب مانشيت نهى الزينى ؟. فأجبته: أنا ، وإذا به يخبرنى أن صحفيا بالمصرى اليوم هو ( ط. أ) تقدم بملف كامل لنيل جائزة النقابة وضع فيه مقال نهى الزينى والمتابعات التى تلته ، وأن أعضاء لجنة التحكيم يعرفون الحقيقة ، ثم سألنى : لماذا لاتتقدم أنت لنيل الجائزة عن هذا الانفراد ؟، فأجبته صادقا : إن كان هناك من يستحق جائزة فهى المستشارة نهى الزينى وليس أنا أو هذا الشخص الذى ارتضى لنفسه هذه الدناءة. 

لم يفز المانشيت الرهيب بجائزة ، ولم يكتب مجدى الجلاد مقاله الذى وعدنى به حتى غادرنا جميعا المصرى اليوم. 

بقيت حقيقة شديدة الأهمية لابد من ذكرها رغم كل ماسبق ، هى أن مجدى الجلاد كان ومازال واحدا من أكفأ رؤساء التحرير الذين عملت معهم أو سمعت عنهم ، وكان ومازال صاحب فضل على كثيرين - وأنا منهم - أتاح لهم مساحات وفرص لم تكن متاحة أبدا فى صحفهم التى جاءوا منها ، ولايليق بى أبدا أن أنسى أنه أول من منحنى فرصة كتابة عمود رأى مرتين فى الأسبوع فى أهم الصحف المصرية، وهو الأمر الذى فعله أيضا مع زملاء آخرين أضافوا لكتابة الرأى فيضا جديدا ومختلفا عن معظم ماكان متاحا فى صحف الدولة التى تكلست وانهارت مصداقيتها. 

ملاحظة: شهود الواقعة كثيرون من بينهم الدكتورة نهى الزينى والأستاذ هشام قاسم العضو المنتدب للمصرى اليوم والأستاذ مجدى الحفناوى مدير توزيع المصرى اليوم آنذاك

نهى الزيني،نادي قضاة مصر،تزوير الانتخابات،