من نحن اتصل بنا سياسة الخصوصية
×

النجاشي .. الجندي المجهول في التاريخ الإسلامي

نقاش
النجاشي .. الجندي المجهول في التاريخ الإسلامي



كثيرة هي الشخصيات التي خرجت من عمق المجهول إلى فضاءات المجد، لم ترث مجدًا من نسبٍ ولا جاهًا من مال، بل صنعته بعرقها وإيمانها، وبمواقفها الرجولية وثباتها على الحق. شخصيات لم تكن تُذكر في بداياتها، لكنها بصدقها وإخلاصها خُلّدت في ذاكرة التاريخ.

في تاريخنا الإسلامي نماذج خالدة تشهد أن المجد لا يُشترى، بل يُنتزع بثبات المبدأ ونقاء السريرة.


النجاشي ( أصحمة بن أبجر) 


«اخرجوا فصلوا على أخ لكم مات بغير أرضكم» 

(رسول الله صل الله عليه وسلم)

عظيم من عظماء أمة الإسلام المائة الوارد ذكرهم في هذا العمل، وقد يفسر البعض ذلك 

نحاول إثبات حقيقة تاريخية أصيلة في هذه الأمة، ألا وهي أن أمة الإسلام أمة لا تموت أبدا ما بقيت الأرض، أمة متصلة، متحدة، مترابطة بشكل يدعو إلى العجب في كثير من الأحيان، لدرجة لا يمكن أن يفسرها المرء إلا بشيء واحد فقط: أنها أمة مختارة من الله الحكيم! 

 ملك نصراني من ملوك أفريقيا الكنيسة الإسكندرية بالتحديد، هذا الملك يسلم ويؤمن بنبي عربي لم يره في حياته البتة، فيأتيه رجل عربي كافر من نفس مدينة ذلك النبي ليزوره، وغرضه من تلـك الزيارة هو محاربة ذلك النبي وأصحابه، ليسلم ذلك الرجل ليس على يدي النبي الذي كان يراه ليل نهار في مدينته وإنما على يدي ذلك الملك الأفريقي الذي لم ير النبي أصلا!!! ثم يتحول هذا الرجل العربي إلى بطل من أبطال الإسلام، فيقوم بعد ذلك بإدخال الإسلام إلى مدينة الإسكندرية التي كان يتبع كنيستها ذلك الملك نفسه قبل أن يسلم !!!

أما ذلـك النبي فهو محمد صل الله عليه وسلم، وأما ذلك الرجل العربي فهو عمرو بن العاص رضي الله عنه وأرضاه، وأما ذلك الملك الأفريقي المسلم فهو أصحمة بن أبجر نجاشي الحبـشة جزاه الله كل خير. وإذا كنت قد استغربت من هذا الترتيب الإلهي العجيب فتأمل معي ترتيبا آخر أعجب منه بكثير، والذي يستشعر المرء من خلاله يد الله التي هيأت الظروف لنبيه المصطفى حتى قبل ولادته، فهناك بعيدا عن مكة وصحراء العرب، في أدغال مملكة الحبشة (أثيوبيا وأريتريا وشمال الصومال حاليا) وفي إحدى الليالي المظلمة، قتل بعض المتآمرين (أبجر) نجاشي الحبشة (النجاشي لقب يطلق على كل ملك يحكم الحبشة!)، ثم جعل أولئك المتآمرون ملكا آخر على الحبشة، وباعوا ابن الملك المقتول لأحد تجار الرقيق.

وفي ليلة من الليالي الممطرة خرج الملك الجديد خارج قصره، وبشكل عجيب غريب، نزلت صاعقة من السماء وهو بين جنوده فأصابته من دونهم، فوقع قتيلا في التو واللحظة، فسادت الفوضى بلاد الحبشة، فعلموا أنها لعنة حلت عليهم من الله، فبحثوا عن ابن الملك الأول ليعيدوه للحكم، فعرفوا أنه في متن سفينة مبحرة إلى بـلاد العرب حيث سيباع هناك عبدا، فأدركوا السفينة قبل رحيلها، ليجدوا ابن الملك قبل أن يبحر إلى بلاد العرب لكي يباع هناك عبدا، فقاموا بتحريره ومن ثم أجلسوه على عرش 

أبيه الذي اغتصبوه من قبل.

 هذا الغلام كان يسمى (أصحمة بن أبجر) وهو نفس الملك 

الذي اشتهر لدى المسلمين باسم النجاشي! وربما يكون هذا الظلم الذي وقع للنجاشي في طفولته هو سبب مقته للظلم، لذلك اشتهر النجاشي بعدله بـين الناس، الأمر الذي دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر أصحابه 

بالهجرة إلى الحبشة بعد أن اشتد إيذاء المشركين لهم، عندها بعثت قريش (عمرو ابن العاص) الذي كان صديقا قديما للنجاشي لكي يستردهم، ولكن المفاجأة حدثت عندما قذف الله الإيمان في قلب النجاشي، ليخفي النجاشي إسلامه عن قومه، لـيس خوفا على الكرسي، إنما خوفا من أن يفتك النصارى باللاجئين المسلمين الذين كانوا يمثلون تقريبا نصف عدد المسلمين على وجه الكرةالأرضية، فقد بعثهم الرسول صلى الله عليه وسلم خصيصا للحبشة وأبقاهم بها 15 سنة لكي يحملوا رسالة الإسلام للبشر في حالـة إذا ما قتل المشركون رسول الله وصحابته الكرام، فيكون هناك من يحمل راية الإسلام في الأرض إذا ما أصابهم مكروه أن المجد لا يُصنع بالمال ولا بالغش ولا بالخداع، بل بالصدق والعدل والإيمان بالقيم العليا. أما أولئك الذين يظنون أن الثراء المشبوه وشراء الذمم يبني لهم تاريخًا، فواهمون، لأن صفحات التاريخ لا تحفظ أسماءهم إلا في مواطن العار، ولا تذكرهم إلا رمزًا للسقوط والذل ونقص الكرامة.فالمجد الحقيقي لا يُورّث، ولا يُباع، ولا يُشترى… بل يُكتَب بالعرق، ويُروى بالصدق، ويُخلّد بالشرف.

النجاشي لقب لكل ملوك الحبشة،أمة الإسلام لا تموت، النجاشي عاني الظلم في طفولته