كاتب إسرائيلي : هل انتصرنا في الحرب ؟
- تشغل مسألة الانتصار في الحرب جانبًا كبيرًا من النقاش العام في "إسرائيل"، والمشكلة المركزية في هذا النقاش هي التسييس الذي يطغى على كل حديث جاد ويُفرغه من القدرة على الوصول إلى استنتاجات حقيقية.
- فهل انتصرنا فعلاً؟ هل صنعنا شرقًا أوسطيًا مختلفًا عما كان قبله؟ هل حسمنا أمر عدونا؟ هل أنهينا الحرب وبلغنا أعتاب السلام؟
- يمكن قول شيء واحد مؤكد في هذا السياق: يجب أن نتحدث أقل بمفاهيم "النصر" القادمة من عالم الخطابات المتطرفة، وأكثر بمفاهيم "الإنجازات" التي تنبع من مقاربات وسط أكثر دقة، وفي هذا السياق يمكن وضع الحقيقة كما هي: لم نحقق نصراً بقدر ما أننا نجونا.
- يتمثل الإنجاز اللافت الذي حققته "إسرائيل" في منع دمارها الكامل، نعم، كنا قريبين جداً من ذلك في السابع من أكتوبر، فمزيج أكثر فتكًا بين هجوم حماس وبين ضربة موازية من حزب الله وإيران كان قد يُمكنه أن يحسم مصير "إسرائيل" كنظام وككيان.
- لكن هذا لم يحدث لسببين اثنين:
- أولاً: تردد الخصوم (إيران وحزب الله) وغياب التنسيق العملي بينهم، وهو ما حال دون هجوم متزامن من الجنوب والشمال والشرق على "إسرائيل".
- وثانياً: التعافي السريع لـ"إسرائيل"، ليس عسكريًا فحسب، بل معرفيًا وسياسيًا أيضًا.
- وهكذا، فإن القرار الصائب بالتحرك السريع لتطهير غلاف الجنوب، إلى جانب القرار بعدم فتح جبهة ثانية موازية في الشمال مع حزب الله، وإلى جانب القدرة على استنفار “الجدار الحديدي” الأمريكي، كلها عوامل حالت دون هزيمة كبرى وانهيار ودمار، وأدت إلى استقرار عسكري أتاح، عبر عملية تدريجية، نقل القتال إلى أراضي الخصوم، كل بدوره.
- غير أن النظر إلى أهداف الحرب لدى الخصوم يجعل الصورة أكثر تعقيدًا، صورة لا تتيح الحديث بمصطلحات “النصر”، فالغزو في السابع من أكتوبر لم يولد في ذلك اليوم؛ بل سبقته سنتان من حملة انتفاضة قادها الفلسطينيون منذ عملية “حارس الأسوار” في مايو 2021، وهي حملة كان هدفها تقويض النظام الاستراتيجي الذي أرسته "إسرائيل" في الشرق الأوسط قبل عقدين من الزمن.
- يحيى السنوار صاحب البصمة الفكرية الأكثر تأثيرًا في أحداث السنوات الأخيرة وإن غاب جسده، فإن أثره ما يزال حاضرًا في المنطقة، وبمقياس الزمن، قد يُسجل له أنه زعزع مفهوم السلام الاقتصادي، وأعاد الأيديولوجيا إلى قلب تعريف الشرق الأوسط، وأعاد معها نفوذ التيارات الأيديولوجية المتخفية في محور الدول السنية مثل قطر وتركيا، ودفع بالقضية الفلسطينية مجددًا إلى مقدمة المشهد الإقليمي والدولي.
- هل نجونا؟ نعم، هل انتصرنا؟ ليس بعد.
- لقد استعاد المشروع الصهيوني أنفاسه، لكن "إسرائيل" ما تزال داخل حرب عميقة، حيث لا “المطلقية” من جهة، ولا “الطبيعية” والتطبيع من جهة أخرى، يُعبران عن حقيقة الوضع كما هو.
تعافي إسرائيل، الجدار الحديدي الأمريكي، المشروع الصهيوني
