من نحن اتصل بنا سياسة الخصوصية
×

مواصفات الإمام العادل عند أبو بكر الطرطوشي

محمد إلهامي
مواصفات الإمام العادل  عند أبو بكر الطرطوشي



اقرأ هذا النص للإمام أبي بكر الطرطوشي، وتذكر أن عمر هذا الكلام الآن تسعمائة سنة!! وقد رَقَّمْتُه واختصرتُ منه تسهيلا وتيسيرا

يقول  الطرطوشي:

1. روى أبو هريرة رضي الله عنه يرفعه قال: لَعَمَلُ الإمام العادل في رعيته يوماً أفضل من عبادة العابد في أهله مائة سنة أو خمسين سنة. 

2. وقال قيس بن سعد: لَيَوْمٌ من إمام عادل خير من عبادة رجل في بيته ستين سنة. 

3. وقال مسروق: لأن أقضي بالحق يوماً أحب إلي من أن أغزو سنة في سبيل الله. 

4. وقالوا لسعيد بن سليمان بن زيد بن ثابت: لَقَضَاء يوم بالحق أفضل عند الله من صلواتك عمرك. 

وسيتضح لك صحة هذه الأقوال إذا وقفت على ما نالته الرعية من الصلاح بصلاح السلطان.

5. اعلم أرشدك الله أن الإنسان أعز جواهر الدنيا وأعلاها قدراً وأشرفها منزلة، وبالسلطان صلاح الدنيا، فهو إذا أعز أعلاق الدنيا وأعمها نفعاً وبركة. ولذلك خلق الله تعالى دارين: دار الدنيا ودار الآخرة، ثم كان السلطان صلاح الدارين، فأخلق بشخص يعم نفعه العباد والبلاد ويصلح بصلاحه الدنيا والآخرة

6. وعلى قدر عموم المنفعة تشرف الأعمال، وعلى قدر النعمة تكون المنة. ألا ترى أن الأنبياء عليهم السلام أعم خلق الله تعالى نفعاً، فهم أجل خلق الله قدراً لأنهم تعاطوا إصلاح الخلائق، وإخراجهم من الظلمات إلى النور

7. وكذلك سلطان الله في الأرض هو خليفة النبوة في إصلاح الخلائق، ودعائهم إلى فناء الرحمن وإقامة دينهم وتقويم أودهم.

8. وليس فوق السلطان العادل منزلة إلا نبي مرسل أو ملك مقرب.

9. وكما أنه ليس فوق رتبة السلطان العادل رتبة، لأن خيره يعم، كذلك ليس دون رتبة السلطان الشرير الجائر رتبة لشرير لأن شره يعم. 

10. وكما أن بالسلطان العادل تصلح البلاد والعباد، وتنال الزلفى إلى الله تعالى والفوز بجنة المأوى. كذلك بالسلطان الجائر تفسد البلاد والعباد وتقترف المعاصي والآثام وتورث دار البوار، 

11. وذلك أن السلطان إذا عدل انتشر العدل في رعيته وأقاموا الوزن بالقسط، وتعاطوا الحق فيما بينهم، ولزموا قوانين العدل فمات الباطل وذهبت رسوم الجور، وانتعشت قوانين الحق فأرسلت السماء غياثها، وأخرجت الأرض بركاتها، ونمت تجارتهم وزكت زروعهم وتناسلت أنعامهم، ودرت أرزاقهم ورخصت أسعارهم وامتلأت أوعيتهم، فواسى البخيل وأفضل الكريم، وقضيت الحقوق وأعيرت المواعين، وتهادوا فضول الأطعمة والتحف فهان الحطام لكثرته وذل بعد عزته، وتماسكت على الناس مروآتهم وانحفظت عليهم أديانهم. وبهذا تبين لك أن الوالي مأجور على ما يتعاطاه من إقامة العدل، ومأجور على ما يتعاطاه الناس بسببه.

12. وإذا جار السلطان انتشر الجور في البلاد وعم العباد، فرقت أديانهم واضمحلت مروآتهم وفشت فيهم المعاصي وذهبت أماناتهم، وتضعضعت النفوس وقنطت القلوب، فمنعوا الحقوق وتعاطوا الباطل، وبخسوا المكيال والميزان وجوزوا البهرج، فرفعت منهم البركة وأمسكت السماء غياثها، ولم تخرج الأرض زرعها أو نباتها، وقل في أيديهم الحطام وقنطوا وأمسكوا الفضل الموجود، وتناجزوا على المفقود، فمنعوا الزكوات المفروضة وبخلوا بالمواساة المسنونة، وقبضوا أيديهم عن المكارم وتنازعوا المقدار اللطيف وتجاحدوا القدر الخسيس، ففشت فيهم الأيمان الكاذبة والحيل والبيع والخداع في المعاملة، والمكر والحيلة في القضاء والاقتضاء، ولا يمنعهم من السرقة إلا العار ومن الزنا إلا الحياء، فيظل أحدهم عارياً عن محاسن دينه متجرداً عن جلباب مروءته، وأكثر همته قوت دنياه وأعظم مسراته أكله من هذا الحطام، ومن عاش كذلك فبطن الأرض خير له من ظهرها.

13. قال وهب بن منبه رضي الله عنه: إذا هم الوالي بالجور أو عمل به أدخل الله النقص في أهل مملكته في الأسواق والزرع والضرع وكل شيء، وإذا هم بالخير والعدل أو عمل به أدخل الله البركة في أهل مملكته كذلك. 

14. وقال عمر بن عبد العزيز: تهلك العامة بعمل الخاصة، ولا تهلك الخاصة بعمل العامة، والخاصة هم الولاة. وفي هذا المعنى قال الله تعالى: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً} (الأنفال: 25) .



سلطان الله في الأرض، خليفة النبوة ، عموم المنفعة ، السلطان العادل