منك لله يا سيادة اللواء..
فيبدو أن صورة اللواء الدكتور سمير فرج مع طلبة كلية الإعلام جامعة مصر للتكنولوجيا، تفاعلت كيميائيًا مع دواء الكحة، فطفَت على سطح الذاكرة صورة نمت بها واستيقظت بها، وهي التي كلما تذكرتها صرفتها عن نفسي، لكنها حضرت هذه المرة بقوة، ربما بفعل هذه التفاعلات الكيميائية!
على أيامنا، وليس على أيام طلبة جامعة مصر هذه الأيام، كنا لا نعتقد أننا بدأنا بداية حقيقية في المهنة، إلا إذا التقينا بالأستاذ مصطفى أمين نسمع منه النصائح الغالية، وذهبنا حشدٌ من الزملاء؛ قلة استمرت في المهنة إلى الآن، وأكثرهم غادرها.
لم يكن مكتب مصطفى أمين شرحًا بردًا (بكسر الشين والباء) كمكتب سيادة اللواء الدكتور، فجلست الآنسات وكنت من الواقفين في لقاء امتد لساعتين، وكل يسأل عن حرية الصحافة، والنصيحة لصحفي تحت التمرين في بداية عمله بالصحافة، وكيف يحقق الأمنية في أن يكون صحفيًا كبيرًا، إلا أنا.
كان المرحوم ياسر رزق قد صُنعت له جائزة خصيصًا ضمن جوائز علي ومصطفى أمين الصحفية، ولأنه حديث التخرج ولم يكن له عمل يستحق عليه جائزة في فروع الصحافة، فكانت الجائزة لأول وآخر مرة باسم «الانتماء الصحفي».
وكنا نعلم أنها جائزة تفصيل، لأنه نجل الصحفي الكبير فتحي رزق، وكان من شيوخ «العَرَب» في مؤسسة أخبار اليوم، وبوفاته حزن عليه الجميع، ورأيت أن لهذا كانت هذه الجائزة.
ومصطفى أمين كان ولا يزال عندي قيمة كبيرة، لكنه في الأخير بشر، وعندما هاجم موسى صبري الفنانة سهير البابلي، منحها جائزة تفصيل لأول وآخر مرة، وهي جائزة «سيدة المسرح العربي».
كنتُ غشيمًا بما يكفي لإشاعة الغشم في قبيلة بأكملها، فسألت الكاتب الكبير مصطفى أمين:
ـ على أي أساس منحت ياسر رزق جائزة «الانتماء الصحفي»، هل لديك ترمومتر لقياس «الانتماء»؟!
(يا إلهي! ما كل قلة الذوق هذه؟)
فأقسم أنه لا يعرفه (ولم أصدقه)، وأنه سأل: مَن أول من يأتي للمؤسسة وآخر من ينصرف؟ فقالوا له: إنه شاب حديث التخرج اسمه ياسر رزق، فمنحه جائزة الانتماء الصحفي.
(لا أترك الأمر ينتهي عند هذا الحد؟ أبدًا وحياتك.. فقد رفعت الإجابة منسوب الغشم لدي)
ـ وحضرتك لماذا لم تسأل عن «الانتماء» في المؤسسات والصحف الأخرى؟ (وكأن حضرتك عالجت الموقف) إن حضرتك نسيت الأكثر انتماء؟! إنه الساعي الذي فتح أخبار اليوم قبل وصول ياسر، والذي أغلقها بعد خروج ياسر!
(ما كل هذا التجاوز الذي ارتكبته؟ وربما استشعرت شيئًا منه فقلت له:)
ـ بس متزعلش.
فرد رحمه الله رحمة واسعة:
ـ وأزعل إزاي، ونحن نتكلم عن الديمقراطية؟
ما كل هذه العنترية التي تكلمت بها؟ ولو خاطبني شاب الآن بذلك، لقمت من فوري ورزعته قلمين. ولهذا كلما طاف بي هذا المشهد تجاهلته لفظاعة ما فعلت، فيغادر الذاكرة غير مستأنس لحديث، لكن مشهد طلاب كلية الإعلام بجامعة مصر في حضرة سيادة اللواء تفاعل مع دواء الكحة، فأحضر المشهد بدون انصراف، فأحدث في نفسي استياءً كبيرًا من نفسي.
منك لله يا شيخ!
#نقاش_دوت_نت
جامعة مصر ، مصطفى أمين ، ياسر رزق ، الانتماء الصحفي , سيدة المسرح العربي
