هل يستطيع العقل إعادة تشكيل الزمن وترتيبه بدون مؤثرات خارجية؟
في العام 1962، قرر الجيولوجي الفرنسي" ميشال سيفر " أن يخوض مغامرة لم يقدم عليها أحد قبله، حيث قرر
أن يعيش لمدة شهرين كاملين في كهفٍ جليدي عميق في جبال الألب، بدون شمس، بدون ساعات، بلا اتصال بالبشر… في عزلة تامة عن الزمن.
لكن ما حدث حدث هناك غيّر نظرتنا إلى العقل البشري تماما
لم يشاهد شروق أو غروب للشمس، ولم يسمع أي صوت سوى أنفاسه، بدأ " سيفر" يفقد إحساسه بالزمن والأيام.
ومع غياب أي تواصل خارجي، انهار إيقاعه الطبيعي.
دخل في دورة غريبة: نحو 36 ساعة يقظة، تليها 12 ساعة نوم عميق.
صار هذا ـ بالنسبة لجسده ـ هو “اليوم الجديد”.
اختفى الزمن الاجتماعي، ولم يَبقَ إلا ساعته البيولوجية التي شرعت في كتابة قوانينها الخاصة.
وحين أخرجه العلماء من الكهف، وقعت الصدمة:
كان يظن أن 25 يومًا فقط قد مرت على وجوده في الكهف الجليدي ،لكن الحقيقة أنها بلغت 59 يومًا كاملة.
استطاع عقله إعادة تشكيل الزمن كما يشاء: يمدّه، يضغطه، ويعيد ترتيبه بلا أي مؤثر خارجي.
لاحقًا، أثبتت الدراسات ما عاشه "سيفر " :
الإنسان، حين يُعزل عن الإشارات اليومية، قد يعيش “أيامًا داخلية” تمتد إلى 48 ساعة، وقد يفقد إحساسه بمرور الوقت كليًا، أو يشعر بأن الدقائق تتحول إلى ساعات.
كل هذا كشف حقيقة مربكة مفادها أن الزمن ليس تجربة مادية… بل بناء ذهني.
ما يوقظنا، وما ينظم حياتنا، وما يمنح وجودنا معنى، ليس الشمس ولا عقارب الساعة، بل آلية داخلية يمكن أن تتعطل أو تتغيّر أو تُعيد اختراع ذاتها بمجرد أن نتوقف عن النظر إلى السماء.
تذكير مقلق…إن كان الزمن وهمًا،
فربما تكون حدودنا كذلك أيضًا.
#نقاش_دوت_نت
ميشال سيفر، الكهف الجليدي، اليوم الجديد، الزمن بناء ذهني ، عزلة عن الزمن
