الشهباء الفاتنة تغازلني
قال الراوي:
ويسألونني يا بنيّ عن القطايف، والكنافة، والبسبوسة، وعن أشياء أخرى تذيب القلب العذب، وتنسيك ما تعانيه من الحبّ..
وأشدّ ما لاقيتُه من سؤالهم هو أنّي كنت قد عزمتُ على طيّها من دربي، رغبة في حفظ صحتي وقلبي..
قلبي الذي به أعيش، لا قلبي الذي عهدته في التنقيب والتفتيش.
فقد عزمتُ يا بنيّ على (الرُّجيم)، وقد استعذتُ بالله من الشيطان الرجيم، وإنّي (والله) قد بدأتُ أنقّب عن ذلك الأكل الذي يدّعون أنه صحّيّ، وأتبيّن سبيله كلما لاحت لي فُرصة، ولكن، وما أدراك ما لكن؟ فأنا مذ عزمتُ ذلك العزم، وعيني في السوق، لا تقع إلا على ذلك البوق، الذي ينادي ويصيح: هنا طعام، لذيذ، مليح..
ولستُ إلى كلّ الطعام أرغب، ولكنّي إلى ما غزُر دهنُه، وشهُب لونُه، وفاض قَطْرُه أمْيَلُ وأقرب..
وإني لأغضُّ بصري عنه، كما أغضّه عن الحسناء والشوهاء، سواء بسواء.
ولكنّي فجأة أرى عيني تزيغ، فيسيل لعابي، وتنسلّ يدي إلى جيبي، ثم لا أُفيق من سُكري، إلا وقد تلوّثَتْ يدي بذلك الطعام الحُلو الرقيق.. فإذا بي أُكثِر من البكاء والشهيق، إذ ضاعفتُ أوزانا خسرتُها من صَوْلاتِ جُوعٍ دون رجوع.. ولكنّ تلك الشهباء الفاتنة تغازلني، حتى لا تدعْ من قلبي مكانا إلا وقد استولَتْ عليه، فلا أدري بنفسي إلا وقد استوليتُ عليها..
أما وإنّي ناصحك بنصيحة، فخُذها، واغنمْ، أقولُ يا بُنيّ: (توسّط)، فافهم.
#نقاش_دوت_نت
القطايف، الكنافة ، البسبوسة، الرجيم ، ضاعفت أوزانا خسرتُها
