من نحن اتصل بنا سياسة الخصوصية
×

د. شيرين النوساني: روح تنير عالم الترجمة

نبيلة أشرف
د. شيرين النوساني: روح تنير عالم الترجمة

أول مقالاتي كان لابد أن يكون عن أستاذتي الجامعية، الإنسانة التي تستحق أن يُكتب عنها الكثير.

في لحظة صفاء وامتنان، وجدتُ نفسي أكتب عن الروح التي فتحت لي بابًا جديدًا على العالم، عالم، تتقاطع فيه اللغات كما تتقاطع مصائر البشر، وتصبح فيه الترجمة جسرًا يربط بين العقول والقلوب، وفي هذا العالم الرحب، برزت أمامي شخصية تركت يداخلي أثرًا لا يُمحى… شخصية علّمتني أن الترجمة ليست مجرد حرفة، بل رسالة ونافذة على جمال الإنسان.

إنها الدكتورة شيرين النوساني، أستاذة لم تكتفِ بأن تزرع المعرفة في قاعات الجامعة، بل زرعت في أرواح طلابها شغفًا صادقًا، ورغبة لا تهدأ في التعلم والاكتشاف. كانت تُدرّس بعقل المترجم الدقيق، وبقلب الأم التي تمنح الثقة وتُهدي الطمأنينة. تجمع بين الحزم الذي يُقوّي الشخصية، والحنان الذي يرفع الروح، وبينهما ينهض الطالب أكثر قدرةً على مواجهة الحياة.

مع كل محاضرة، وكل نقاش، وكل لحظة توجيه، كانت الدكتورة شيرين تضع حجرًا جديدًا في بناء شغفي بالترجمة. وكنتُ كلما جلست أمامها، شعرتُ أنني أمام امرأة تعرف تمامًا ماذا تريد، وتُدرك بحكمة بالغة قيمة الطريق الذي تمشيه.

وحين أتأمل مسيرتها الأكاديمية، أجد أمامي رحلة علمية مضيئة، فقد حصلت على ليسانس الألسن – قسم اللغة الإيطالية – من جامعة عين شمس، ثم تابعت مسار الترجمة بدبلوم الدراسات العليا في الترجمة التحريرية والفورية، قبل أن تنال درجة الدكتوراه من جامعة حلوان بمرتبة الشرف الأولى، مقدّمة دراسة تحليلية راقية لترجمة رواية “دون جيسوالدو” لجيوفاني فيرغا. لم تكتفِ د. شيرين بالبحث والتدريس، بل تولّت مناصب تعكس مكانتها وقدرتها على القيادة، من رئاسة قسم اللغة الإيطالية بجامعة حلوان، إلى عملها أستاذًا في المعهد العالي للسياحة والفنادق.

ومن خلال منصبها الحالي كنائب رئيس جمعية المترجمين واللغويين المصريين للشؤون الثقافية والإبداع، ورئيس لجنة التعاون الدولي فيها. تواصل الدكتورة شيرين عطائها عبر تدريب المواهب الجديدة، وتنظيم ورش متخصصة في الترجمة التحريرية والفورية، والمساهمة في مشاريع أكاديمية تُعلي من شأن البحث والتعليم.

أما نشاطها الثقافي فباب، آخر من الضوء، فقد ألّفت كتبًا مهمة في اللغة الإيطالية، وترجمت أعمال كبار الأدباء الإيطاليين مثل إيتالو كالفينو وجيوفاني فيرغا ولويجي كابوانا، ونشرت ترجمات ودراسات نقدية وأدبية في مجلات مرموقة، لتؤكد أن الترجمة لديها ليست مهنة… بل شغف ممتد ومسؤولية تجاه الثقافة، وهذا يظهر من خلال إدارتها لمكتب الاتحاد العربي للثقافة وتحرير سلسلة “مبدعو أرض الكنانة”، ومشاركتها في الفعاليات الإلكترونية التي تعزز من الحراك الثقافي، مما يؤكد حرصها الدائم على تجديد نشاطها وتوسيع تأثيرها في الساحة الأدبية والثقافية.

وقد توّجت مسيرتها بجوائز وشهادات تقدير محلية ودولية، تقديرًا لإسهاماتها في إثراء المكتبة العربية وتعزيز جسور التواصل الثقافي.

إن د. شيرين طه النوساني ليست مجرد أستاذة جامعية أو مترجمة بارعة، إنها روح، تُنير… روح تجعل من الترجمة نبضًا للحياة، ومن الثقافة مساحة للإنسان أن يرى ذاته والعالم.

وأنا، في لحظة صدق، لا أملك إلا أن أكتب شكري وامتناني لهذه الأستاذه الفاضلة التي منحتني الثقة والمعرفة، وفتحت أمامي وأمام كثيرين آخرين أبوابًا لم أكن أرى وجودها من قبل. أدعو لها بدوام النجاح، لأنها بحق تجسيد صادق لقول: “كاد المعلّم أن يكون رسولًا”.

#نقاش_دوت_نت 

جمعية المترجميين واللغويين المصريين ، شيرين النوساني، عقل المترجم، الترجمة التحريرية والفورية، دون جيسوالدو