من نحن اتصل بنا سياسة الخصوصية
×

إسرائيل وسوريا تستعدان للتطبيع التدريجي

القاهرة : " نقاش "
إسرائيل وسوريا تستعدان للتطبيع التدريجي


لماذا تدافع إسرائيل عن النظام السوري؟


تتزايد الانتقادات الإقليمية والدولية ضد استمرار الوجود الإسرائيلي في الأراضي السورية. وتعتبر الولايات المتحدة الاتفاق بين إسرائيل وسوريا عنصرًا أساسيًا في صياغة اتفاق إقليمي أوسع، يشمل احتواء إيران، وتثبيت حدود الأردن ولبنان، والتحرك نحو خطوة سياسية تُحقق لواشنطن إنجازًا استراتيجيًا هامًا. ومن الواضح أن تصاعد التوترات بين الطرفين دفع ترامب في الأسابيع الأخيرة إلى الإدلاء بسلسلة من التصريحات الداعمة لجهود النظام السوري في تحقيق الاستقرار، ودعوة إسرائيل إلى العودة إلى المفاوضات وعدم الإضرار بالعملية. ويُشابه هذا السلوك الأمريكي سلوك الولايات المتحدة في حرب قطاع غزة، حيث فرضت واشنطن فعليًا الصيغة النهائية ووضعت إطارًا ملزمًا للوتيرة. واتجاه الأحداث - من الممكن أن يظهر نمط مماثل في الساحة السورية، ولذلك من المهم أن تتقدم إسرائيل بالاتفاق بشروط مواتية لها قبل أن يزداد الضغط الخارجي ويفرض تنازلات.

من بين البدائل المتاحة أمام إسرائيل حاليًا، من الصواب إتاحة الفرصة لتسوية أمنية مع سوريا. إن استمرار الوجود العسكري الإسرائيلي والسياسة الإسرائيلية الأحادية تجاه سوريا يتعارض مع سياسة المجتمع الدولي، بقيادة الولايات المتحدة، تجاه الشرع؛ إذ يزيد من العداء تجاه إسرائيل ويدعو إلى المواجهة معها، ومن المرجح بالتالي أن يؤدي إلى احتكاكات عسكرية متكررة، وتقويض الشرعية الداخلية للنظام الجديد الذي لا يزال يتبنى نهجًا متحفظًا، وتعزيز الجماعات المتطرفة التي يُنظر إليها على أنها معارضة لإسرائيل، بما في ذلك إيران ووكلائها.هذه الاعتبارات، إلى جانب العزم الأمريكي والضغط المتزايد من واشنطن للتحرك نحو تسوية، تُلزم إسرائيل بتغيير سياستها واستغلال الظروف الراهنة للحفاظ على مصالحها الأمنية. لذلك، من الصواب وضع إطار واضح لانسحاب إسرائيلي من المنطقة العازلة وجبل الشيخ (من حيث الإعداد والتوقيت)، شريطة التزام سوريا بالامتثال للشروط وتقديم ضمانات أمريكية. في هذا الإطار، يمكن لإسرائيل الاعتماد على مجموعة متنوعة من أدوات الاستخبارات، بما في ذلك التقنيات المتقدمة، لتوفير إنذار مبكر، دون الحاجة إلى وجود فعلي في الأراضي الأجنبية - الأمر الذي يزيد العبء على جنود الجيش الإسرائيلي النظاميين والاحتياطيين، وبالتالي يسمح بالتركيز على القطاعات الأكثر توتراً، وتحديداً إيران وقطاع غزة. ويمكن لتسوية أمنية برعاية أمريكية أن تضمن حدوداً هادئة ومستقرة دون الاعتماد على وجود عسكري ميداني، وأن يُحسّن الكفاح ضد المحور الإيراني من خلال التعاون مع النظام الجديد، وأن يضمن حماية الدروز، وأن يعزز مكانة إسرائيل الإقليمية والدولية كلاعب بنّاء. في الوقت نفسه، يجب على إسرائيل أن تُدرك أن سوريا لا تزال غير مستقرة، وأن النظام السوري لا يُسيطر على كامل أراضي البلاد ولا يتمتع بشرعية كاملة. لذلك، يجب أن تكون إسرائيل مستعدة استراتيجياً وعملياتياً لسيناريو انهيار التسوية - سواء كان ذلك نتيجة لعدم الاستقرار في سوريا أو سياسة مُتعمّدة من النظام الجديد. في هذه الحالة، ستتمتع إسرائيل بشرعية أوسع وحرية أكبر في الرد. بدلاً من ذلك، إذا تم بناء الثقة بين الطرفين، يمكن لإسرائيل أن تستغل هذا الزخم للدفع بعملية تطبيع تدريجية مع سوريا - وهي خطوة من شأنها أن تسلط الضوء على وجودها في المنطقة، وتضعف نفوذ العناصر المتطرفة في سوريا والمنطقة ككل، وتشجع على الاستقرار الإقليمي على المدى الطويل.

#نقاش_دوت_نت 

النظام السوري، إسرائيل، الشرع، التسوية الأمنية ،تقويض الشرعية