من نحن اتصل بنا سياسة الخصوصية
×

نظرات في سورة الكهف

فتحي محمد علي
نظرات في سورة الكهف


"أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آَيَاتِنَا عَجَبًا" سورة"الكهف"الآية"9".

•يرى البعض أن الآية الكريمة ذكرت جماعتين؛حيث يرون أن أصحاب الكهف هم الفتية الذين آووا إلى الكهف؛وأن أصحاب الرقيم هم ثلاثة النفر الذين دخلوا غارا فأغلقته صخرة؛فلم يستطيعوا أن يخرجوا من الغار إلا بفضل استحضار كل واحد منهم عملا صالحا قد عمله؛وبفضل ذلك انفرجت الصخرة؛فخرجوا.

•حقا؛إنه حديث صحيح ذكره رسول الله_صلى الله عليه وسلم_؛فعن أبي عَبْد الرَّحْمَن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخطَّابِ

_رضيَ اللهُ عنهما_قَالَ:سَمِعْتُ رسولَ الله ﷺ يَقُولُ:انْطَلَقَ ثَلاَثَةُ نَفَرٍ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ حَتَّى آوَاهُمُ الْمبِيتُ إِلَى غَارٍ فَدَخَلُوهُ؛فانْحَدَرَتْ صَخْرةٌ مِنَ الْجبلِ فَسَدَّتْ عَلَيْهِمْ الْغَارَ؛فَقَالُوا:إِنَّهُ لاَ يُنْجِيكُمْ مِنْ هَذِهِ الصَّخْرَةِ إِلاَّ أَنْ تَدْعُوا الله تعالى بصالح أَعْمَالكُمْ؛قَالَ رجلٌ مِنهُمْ:اللَّهُمَّ إنه كَانَ لِي أَبَوانِ شَيْخَانِ كَبِيرانِ،وكُنْتُ لاَأَغبِقُ قبْلهَما

أَهْلاً وَلا مالاً؛ فنأَى بِي طَلَبُ الشَّجرِ يَوْماً فَلمْ أُرِحْ عَلَيْهمَا حَتَّى نَامَا فَحَلبْت لَهُمَا غبُوقَهمَا فَوَجَدْتُهُمَا نَائِميْنِ؛فَكَرِهْت أَنْ أُوقظَهمَا وَأَنْ أَغْبِقَ قَبْلَهُمَا أَهْلاً أَوْ مَالاً؛فَلَبِثْتُ وَالْقَدَحُ عَلَى يَدِى أَنْتَظِرُ اسْتِيقَاظَهُما حَتَّى بَرَقَ الْفَجْرُ وَالصِّبْيَةُ يَتَضاغَوْنَ عِنْدَ قَدَمي؛فَاسْتَيْقظَا فَشَربَا غَبُوقَهُمَا.

اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتُ فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ فَفَرِّجْ عَنَّا مَا نَحْنُ فِيهِ مِنْ هَذِهِ الصَّخْرَة؛فانْفَرَجَتْ شَيْئاً لا يَسْتَطيعُونَ الْخُرُوجَ مِنْهُ.

قَالَ الآخر: اللَّهُمَّ إِنَّهُ كَانتْ لِيَ ابْنَةُ عمٍّ كانتْ أَحَبَّ النَّاسِ إِلَيَّ_وفي رواية:كُنْتُ أُحِبُّهَا كَأَشد مَا يُحبُّ الرِّجَالُ النِّسَاءِ؛فَأَرَدْتُهَا عَلَى نَفْسهَا فَامْتَنَعَتْ مِنِّى حَتَّى أَلَمَّتْ بِهَا سَنَةٌ مِنَ السِّنِينَ فَجَاءَتْنِي فَأَعْطَيْتُهِا عِشْرينَ وَمِئَةَ دِينَارٍ عَلَى أَنْ تُخَلِّىَ بَيْنِى وَبَيْنَ نَفْسِهَا ففَعَلَت؛حَتَّى إِذَا قَدَرْتُ عَلَيْهَا،

وفي رواية:فَلَمَّا قَعَدْتُ بَيْنَ رِجْليْهَا؛قَالتْ:اتَّقِ اللهَ وَلاَ تَفُضَّ الْخاتَمَ إِلاَّ بِحَقِّهِ؛فانْصَرَفْتُ عَنْهَا وَهِىَ أَحَبُّ النَّاسِ إِليَّ،وَتركْتُ الذَّهَبَ الَّذي أَعْطَيتُهَا،اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتُ فَعْلتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ فافْرُجْ عَنَّا مَا نَحْنُ فِيهِ؛فانفَرَجَتِ الصَّخْرَةُ غَيْرَ أَنَّهُمْ لا يَسْتَطِيعُونَ الْخُرُوجَ مِنْهَا.

وقَالَ الثَّالِثُ:اللَّهُمَّ إِنِّي اسْتَأْجَرْتُ أُجرَاءَ وَأَعْطَيْتُهمْ أَجْرَهُمْ غَيْرَ رَجُلٍ وَاحِدٍ تَرَكَ الَّذي لَّه وَذَهبَ؛فثمَّرت أجْرَهُ حَتَّى كثرت منه الأموال،فجاءني بَعدَ حِينٍ؛فَقالَ:يَاعبدَ اللهِ أَدِّ إِلَيَّ أَجْرِي؛فَقُلْتُ:كُلُّ مَا تَرَى منْ أَجْرِكَ:مِنَ الإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَم وَالرَّقِيق؛فقالَ:ياعَبْدَ اللَّهِ لا تَسْتهْزيْ بي؛ فَقُلْتُ:لاَأَسْتَهْزيُ بِكَ؛فَأَخَذَهُ كُلَّهُ،فاسْتاقَهُ؛فَلَمْ يَتْرُكْ مِنْه شَيْئاً.

اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتُ فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتغَاءَ وَجْهِكَ فافْرُجْ عَنَّا مَا نَحْنُ فِيهِ؛فَانْفَرَجَتِ الصَّخْرَةُ؛فخرَجُوا يَمْشُونَ".

متفقٌ عليه.

•لكن كونه حديثا صحيحا أمر؛وماذهب إليه قلة قليلة أمر آخر؛فهم يستندون إلى روايات ضعيفة_من ناحية_،ومن ناحية أخرى يعتقدون أن العطف بالواو:"أصحاب الكهف والرقيم"يقتضي المغايرة في كل الأحوال؛وهذا تعضيد يجانبه الصواب؛لأن العطف يقتضي المغايرة إذا كان عطف ذوات دون وصف؛كما في قولنا:جاء محمد وعلي_فهما متغايران_؛لكن_على سبيل المثال_انظر قوله تعالى في سورة"الأنفال":"ترهبون به عدو الله وعدوكم"فلامحل للمغايرة هنا لأن المتحدث عنه_بوصفه بالإضافة_واحد،كما أن التفاسير المعتبرة_والتي عليها المعول_

ذكرت تفسيرات لمعنى"الرقيم":

كلها تنصرف إلى أصحاب الكهف؛فمن قائل:(اسم لكلبهم_

اسم للكهف_اسم القرية التي بها الكهف_الحجر الذي كتب عليه أسماء الفتية؛فهو مرقوم،والمشتقات تتبادل بعضها البعض لعلل بلاغية،ويعضد ذلك وصف كتاب الأبرار في قوله تعالى:"في كتاب مرقوم"؛وللتفسير الأخير أميل.

•وعليه فإن ماذكرته الآية الكريمة خاص بجماعة واحدة هم الذين لبثوا في كهفهم

"ثلاثمائة سنين وازدادوا تسعا"،وأن أصجاب الغار

الذين قد انفردت السنة المشرفة بذكرهم_كما بينت_.

•وهناك فريق ثالث يرى أن أصحاب الغار هم أنفسهم أصحاب الكهف؛وهذا قول أضعف من أن يرد عليه؛لأن أصحاب الغار محددون بثلاثة نفر.

والله أعلى وأعلم.

#نقاش_دوت_نت 

أصحاب الكهف، أصحاب الرقيم، الغار، الصخرة