أُجْلِي وَجْهِيَ من التجاعيدِ، وأغسلُ قرصَ الشمسِ
الحياةُ قاسيةٌ بما يكفي
لأنْ تتركَ لِيَ
بضْعَ خطواتٍ أتجوَّلُ بها
في محيطِ ظِلِّكَ النحيفِ
أنْ تشدَّ على يَدِ الليلِ التائهِ
أنْ تصاحبَ الحزنَ الذي عبَّأَ قلبيَ،
وتقاتِلَ جيوشًا من الدَّمعِ تتربَّصُ بجفنَيَّ
لا تترُكْني كشجرةٍ فقدتْ ظِلَّها
أتركُ الطريقَ، وأُجهِضُ
كلَّ محاولاتِ الصمتِ،
أعبِّئُ صندوقَ البريدِ بفضفضةٍ
مع لا أحدٍ؛ فيجيبُ: لا شيءْ
وأُفتِّشُ في دفاتريَ القديمةِ
عن أرقامِ هواتفَ ليستْ مهِمةً،
ممزَّقةٌ أنصافُها
لا تَمَلّْ، لا تتغيَّرْ
لا تبتعدْ، ولا ترحلْ
لا تتركْ أبوابَ العتمةِ مفتوحةً
أرجوكَ أن تبنيَ بيني وبينَها سَدًّا؛
لا أريدُ أنْ أتحدَّثَ كثيرًا إلى هؤلاءِ
أوْ أسمعَ نقاشاتِهمُ الحادةَ داخليْ،
يُطلِقونَ صراخَهم دائمًا
وأنا أقفُ على حَوْضِ المطبخِ
أُجْلِي وجْهِيَ من الشحوبِ والتجاعيدِ،
وأبحثُ في ثلاجةٍ مكتَظَّةٍ بالمتاعبِ
عن قطعةِ ثلجٍ
تبرِّدُ شفَتِي الملتهِبةَ
وتحيكُ تشققاتِها الجافةَ
وأنا أراقبُ الحليبَ جيدًا؛
ودون فائدةٍ يفورُ!
الحياةُ قوسٌ دائمًا مفتوحٌ،
والقلبُ خزانةٌ سِرِّيَّةٌ
تحمِلُ ما نشتهي ومَا نَكْرَهُ
راقبتُ أمي بعنايةٍ
وهي تتخلَّى عن ملابسِ أبي القديمةِ
فتَّشتْ جيدًا في جيوبِهِ
عن كلماتٍ لم تسمعْها من قَبْلُ
تخلَّصتْ من شرائطِ الكاسيتْ
التي تحملُ صوتَه من بلادٍ بعيدةٍ
ألقتْ بنظراتِه العاشقةِ بعيدًا
كي لا تُذكِّرَها نجمةٌ فقدتْ طريقَها،
مزَّقتْ كلَّ معايداتِهِ لَها
وتأبينَهُ للحُبِّ الذي كانَ
وأهدَتِ الْبحرَ شَعريَ
الذي قصَّتْه يدُها الرقيقةُ
غضبتْ لاسمي الذي اخترتُه
لصالحِ اسمٍ اختارتْه هي ولم أُحِبُّه
قايضتُها على حُبِّ اسميَ الجديدِ
في مقابلِ قطعةِ حريرٍ سوداءَ
وبعضٍ من حبَّاتِ السُّكَّرِ الذي حُرِّمَ عليها؛
فانتصرتْ هِيَ وخسرَ اسمي الذي أُحبُّه
جلستْ فوقَ حافَّةِ اللومِ
ترمي (كراكيبَ) تُزاحِمُ سقفَ الأسِرَّةِ وأرضِها
مَنَحَتِ الْحُريةَ لكلِّ أسرَى الذِّكرَى
ظلَّتْ تحتفظُ فقطْ بفستانٍ أبيضَ
وتحبسُ فراشاتِهِ الصغيرةَ الملوَّنةَ في بروازٍ ذهبيٍّ
من ديوان أفتش في خزائني الفارغة
#نقاش_دوت_نت
يد الليل، جيوش من الدمع، محاولات الصمت ، القلب خزانة سرية
