الفصل الأول (2) : "ما أبدع شروقك يا بورسـعيد!"
بإعجاب عبرت "نور" عـن مشهد الشروق
بدا المشهد لوحة رائعة للطبيعة الخلابة يقع منزل نور فى "الحى الأفرنجى" بمدينة بورسعيد الذى يحاكى أحياء أوروبا ووفد سكانه من بلاد متعددة من هذه القارة، وأقام به بعض المصريين الذين ارتبطوا معهم بمصالح خاصة
كانت نور ذات ملامح أجنبية؛ بشرتها بيضاء فى نقاء القطن، وجنتاها بلون حمرة الورد وأنفها دقيق، ذات شفاه رقـيقة ولها عينان بلون السماء، ذات قوام ممشوق أشبه بقوام الفرنسيات؛ لها خصر نحيل متوسطة الطول، شعرها وحاجباها الكثيفان ينافسان سواد الليل
لم يكن جمال نور يكمن فى ملامحها بل كان له منبع آخر هو روحها المتفائلة، وقلبها المتسامح الذى يشبه فى نقائه قلوب الأطفال؛ لا ذاكرة له فى إساءات الآخرين محب للحياة والانطلاق فجاءت ملامحها تشبه الأطفال رغم أنها كانت فى الخامسة والعشرين من عمرها
استنشقت نور الهواء النقى الذى يفوح بعطر زهور الحديقة، ثم قررت دخول حجرتها التى تقع فى الطابق العلوى من منزلها المكون من طابقين0 كانت حجرتها تشبهها؛ عنوان الجمال والحياة تزينها الزهور واللوحات البديعة التى كانت نور تبدعها بروحها الفنية
أخذت نور المنشفة واتجهت إلى الحمام، وملأت حوض الاستحمام بالمياه ثم وضعت نقاط من زيت "اللافندر" أشاع فى الحمام رائحة زكية تبهج النفس، ثم ألقت بجسدها فى حوض الاستحمام وأغمضت عينيها واسترخت تمامًا
لقد اعتادت أن تبدأ يومها على هذا النحو ليمنحها طاقة من التفاؤل والبهجة تؤهلها ليومها وما يمكن أن يحمله من آلام أوضغوط
بعد مرور ثلاثين دقيقة نهضت ثم لفت المنشفة حول جسدها وخرجت ثم اتجهت إلى المرآه ونظرت إلى وجهها ثم ابتسمت ورددت:
"سيكون يومًا جميلًا إن شاء الله احذرى العبوس والغضب؛ الحياة تستحق الابتسامة لنعبرها والرضا بما نلنا من نعم لنسعد بها، والصبرعلى ما يصيبنا فعمره قصير كعمرنا"
هذه العبارات ميراث نور من جدتها لأمها وهى بالنسبة لها ميراث أعظم من الذهب
اتجهت نور إلى خزانة الملابس وانتقت ثوبًا صيفيًا بديعًا وردى اللون وارتدته، ثم لفت حول خصرها النحيل حزامًا جـلديًا أبيض اللون، ولفت حول شعرها شـريطًا أبيضًا ثم ارتدت حذاءً ذا كعب مرتفع أبيض يزينه وردة رقيقة وردية اللون على جانبه، ثم وضعت عطرًا فرنسيًا فواحًا وأرسلت إلى نفسها قبلة فى المرآه
انطلقت نور تتهادى على السلم متجهة إلى الطابق السفلى0 كانت والدتها تضع الطعام على المائدة والذى يحوى خبزًا وزبدًا ومربى وبيضًا وزيتونًا، ثم وضعت إناء الشاى وإناء السكر وفنجانين فارغين
كانت نور تشبه والدتها سارة فى حسنها وجمالها، وإن كانت والدتها قصيرة القوام ممتلئة قليلًا0 اتجهت نور نحو والدتها مبتسمة وطبعت على خدها قبلة رقيقة:
ــ صباح الخير يا أمى الحبيبة
ــ صباح النور يا نور قلبى وحياتى، ما أروع صباحى حين يبدأ بابتسامتك المشرقة!
ــ استمدها من جمالك يا أمى
ــ لقد ولى الجمال مع رحيل الشباب يا حبيبة قلبى الجمال الآن جمالك أنتِ
ــ الجمال لا يرتبط بالعمر بل بإحساسنا ويمكن أن يلازمنا كدقات قلبنا مادمنا أحياءً
ــ ما هذه الفلسـفة يا نور؟!
تضحك نور ثم تجلس إلى المائدة المستطيلة التى يجاورها خزانة للأوانى الصينية، يعلو سطحها لوح زجاجى كالمرآة فوقه زهرية بها ورود، وجهاز أسطوانات يجاورها مكتبة
تتأمل نور الزهور التى أوشكت أن تذبل فتنهض قائلة:
ــ لابد أن أذهب إلى الحديقة الآن
ــ تناولى إفطارك ثم افعلى ما شئتِ
ــ لن أستمتع بإفطارى إلا إذا ذهبت إلى الحديقة أولًا
تحمل نور الزهرية وتذهب إلى المطبخ وتتناول ما بها من زهور وتنشرها فى أنحاء المطبخ فتشيع به رائحة زكية؛ ذبول الورد لا يعنى ذهاب رائحته، ثم تفرغ ماء الزهرية وتضع ماء جديدًا ثم تذهب إلى خزانة الأوانى الصينية وتضع عليها الزهرية
تبتسم سارة: "أنتِ رائعة يا نور"
ترسل إليها نور قبلة عبر الهواء ثم تنطلق إلى الحديقة فتجمع باقة من الزهور متنوعة الألوان والأنواع فتقطف عودًا من الريحان تشمه منتشية برائحته، ثم تغسله تحت صنبور المياه الموجود داخل الحديقة0 تنطلق فورًا إلى المنزل وتضع باقة الزهور فى الزهرية ثم تجلس وتقطف ورقتين من عود الريحان تضعهما فى إناء الشاى؛ كانت هى ووالدتها مغـرمتان بتناول الشاى بالريحان كما كانت تضعه مع بعض الأطعمة0 أعطت نور عود الريحان لأمها التى عبرت عن استمتاعها برائحته الزكية قائلة:
ــ ما أروع هذه الرائحة! ما أبدع الخلاق العظيم!
ــ الروائح الطيبة تبهج النفس وتزيل الهموم يا أمى
تتنهد سارة وهى تضع عود الريحان على المائدة:
ــ لو كان الأمرعلى هذا النحو لهانت الأحزان وزال القلق من النفوس.
تنتبه نور إلى حزن يكسو ملامح والدتها فجأة فتعقب:
ــ ماذا بك يا أمى؟!
ــ لا شئ يا حبيبتى ..تناولى إفطارك
ــ تبدين حزينة يا أمى أخبرينى بما يحزنك
ــ بل قلقة مما أذاعته الإذاعة فى الصباح
ــ ماذا حدث؟!
ــ لقد رفض البنك الدولى تمويل السد العالى
تضع نور الزبد على قطعة من الخبز غير مهتمة بما سمعت:
ــ أهذا ما يشغلك؟!
ــ نعم إن جمال عبد الناصر يبدو لى شخصًا متهورًا لايمكن التنبؤ بردود أفعاله
ــ وما شأننا بالسياسة ؟! إنها لعبة الدسائس والمؤامرات تدمر من يجيدونها فما بالك بالذين يجهلونها تمامًا
ــ تتحكم السياسة فى مصائرنا وأحزاننا وأفراحنا؛ كان مجيئنا إلى مصر بسبب السياسة
ــ ما الذى يقلقك بالضبط؟
أجابت سارة وهى تصب الشاى:
ــ ربما انتقم جمال عبد الناصر من رعاياهم فى مصر0
ــ عمن تتحدثين؟
ــ عن الأمريكان.. وإذا مس رعاياهم بسوء فسيكون لهم رد فعل لا يعلم مداه إلا الله
ــ ماذا تقصدين؟ أخشى أننى مازلت لا أفهمك
رشفت سارة رشفة من فنجان الشاى ثم استطردت تقول:
ــ ربما أدى الأمر فى النهاية إلى نشوب الحرب
ــ الحرب! لا أعـتقد أن تصل الأمور إلى هذا الحد
ــ بل تصل إلى أكثر من هذا ..والحرب موت وخراب لا يدرك ويلاتها إلا من كابدها
ــ لا تسلمى رأسك إلى الأفكار المتشائمة تعبث بها، فربما كانت أوهامًا فلا تدعـيها تفسد حياتك
ــ لا أعتقد يا ابنتى
ــ إذن فعلينا أن نعمل بنصائح جدتى
تبتسم سارة وتقول:
ــ كانت نصائح جدتك نبراسًا لى فى حياتى ولكنها لم تقِنى شر الأيام التى غدرت بى وأذاقتنى الآلام فأفقدتنى الأمان، وهذا يناقض ما تعلمته من أمى
ــ لاتنسى أنها أيضًا ذاقت من الزمان الآلام ولكنها لم تفقد طعم الأمان.
ــ منذ توفيت هى ووالدى تولَّد لدىَّ شعـور بعدم الأمان فصرت أخاف عليك من ظلك.
ــ الأمان بالله.. وقد سخَّر لنا بعد وفاتهما من يرعانا أطال الله فى عمر خالى
ــ الحمد لله ولكن القلق لا يفارقنى
ــ عفوًا يا أمى، لنحيا اللحظة الحالية ننعم بما فيها من سعادة ولا نشغل بالنا بما يمكن أن يحدث فى اللحظة القادمة، فربما كان ما يشغلنا مجرد أوهام تفسد حاضرنا ومستقبلنا
ــ ربما كنتِ محقة ولكن هذا لن يمنع القلق عنى
ــ لا تستسلمى لوساوسك يا أمى وإن حدث ما نخشاه فعلينا أن نخبر أنفسنا أن الضيق يأتى بعده الفرج فهذا يهون علينا الألم
ــ سأحاول أن أقنع نفسى بما تقولين
ــ هناك أمر آخر، لاتتابعى نشرات الأخبار لأنها تميل إلى التهويل لجذب انتباه الناس والسياسة كالنار تحرق كل من اقترب منها، ونحن لا مصلحة لنا فيها فلا ينبغى أن ينالنا نيرانها.
تنهض نور وتتجه نحو (الجرامافون) وتضع الأسطوانة به وهى تقول:
ــ هذه أسطوانة جديدة لليلى مراد تضم مجموعة من الأغنيات الرائعة
تعود نور إلى الجلوس بينما تغنى ليلى مراد (جواب حبيبى).
تبتسم نور منتشية بصوت ليلى مراد وتعقب : "ليلى مراد أميرة الغناء"
ــ حقًا ولكن تظل أم كلثوم هى ملكة الغناء الأثيرة لدىَّ
ــ لا مانع لدىَّ مطلقًا؛ كلتاهما تطربنى وتهز مشاعرى
ــ وماذا عـن الروايات؟
ــ إنها غذاء روحى وقلبى يا أمى الحبيبة
ــ استيقظت فى الواحدة ليلًا فوجدتُ حجرتك مضاءة
ــ كنت أطالع رواية سلبت اهتمامى لم أستطع النوم إلا بعد الفراغ منها.
ــ ما اسمها؟
ــ غادة الكاميليا
تنهدت سارة بقوة وشردت قليلًا ثم عقبت:
ــ إنها رواية رائعة رغم كل الأسى الذى يغلفها، لقد قرأتها فى الماضى..وأشفقت على المصير الأليم للبطلة الذى أسلمنى فى نهاية الرواية إلى نهر دموع ينافس نهر النيل
ــ عفوًا يا أمى، هل تشعرين أنكِ واجهتِ نفس مصير البطلة؟!
تبتسم سارة:
ــ لاأعتقد؛ لم أسـتسلم مثلها بل قاومت آلامى جراء فراق والدك، كنتِ مجرد دماء فى أحشائى والجسر الذى يربطنى بالحياة وسد منيع بينى وبين اليأس الذى تربص بى من حين إلى آخر
ــ ولكنك مازلتِ تحبينه رغم انفصاله عنك، بل ورحيله عن الحياة بعد ذلك!
ــ ربما كان هذا ما أتطابق فيه مع بطلة الرواية
ــ إذن الحياة مسرح كبير كما نسمع وليست الروايات إلا سردًا لما يحدث فى الحياة
ــ العاقل من تعلم من تجارب الآخرين حتى يتجنب ويلات الحياة
ــ يمكننا أن نتعلم حقًا ولكن هناك أقدار كالسيل لا نستطيع إيقافها ولا مواجهة آثارها
يقطع الحديث صوت جرس الباب فتنهض نور فى حين تنظر سارة إلى ساعة يدها قلقة:
ــ من يأتينا فى هذه الساعة المبكرة؟!
أجابت نورمبتسمة:
ــ إنهما سميرة وإيرينى لقد اتفقنا على قضاء اليوم على الشاطئ.
تفتح نور الباب فترى سميرة صديقتها وهى شابة تماثل نور فى العمر طويلة سمراء ذات عيون واسعة سوداء نحيفة، وإيرينى ابنة خال نور فى العشرين تقريبًا قصيرة نحيلة بيضاء عيناها بنيتان واسعتان وشفاهها رقيقة
ابتسمت سميرة حينما رأت نور وحيتَّها:
ــ صباح الخير يا نور
ــ صباح النور يا سمسم صباح الخير يا ريرى
ــ صباح النور يا نورأسرتنا
ــ تفضلا
تدخل الفتاتان بينما تغلق نور الباب
تبتسم سارة وتقول:
ــ صباح الخير أيتها الزهرتان الجميلتان
ــ صباح الفل والياسمين يا عمتى الجميلة
ــ صباح النور يا خالتى.
ــ كم أعشق كلمة خالتى منك يا سميرة إنها تنبئ عما بداخلك من حب تجاه نور
ــ وتجاهك أيضًا وأنا سعيدة أنها تنال حبك وكنت أخشى أن تنال ضيقك
ــ لماذا تصورتِ ذلك يا سميرة؟!
ــ لأنها كلمة لاتتناسب مع "الحى الأفرنجى" بل تناسب حينا "حى العرب"
ــ كيف تفكرين هكذا وأنت تعلمين كيف دخل أبى بورسعيد؟! وفضل "حى العرب" علينا عظيم
تشير نور إليهما بيدها قائلة:
ــ دعكما من هذا الحديث ولتتناولا الإفطار حتى نذهب إلى الشاطئ
تضحك سميرة: "لقد أفطرت وتناولت شاى والدتى المضبوط"
ــ وأنا أيضًا يا عمتى تناولت الإفطار
ــ كما تحبان استمتعا بوقتكما
تحمل سارة الأطباق بينما تتهامس الفتيات فترمقهمن سارة بنظرة حانية يخالطها إعجاب ثم تتجه إلى المطبخ0 تقترب نور من السلم قائلة:
ــ انتظرانى قليلًا سأصعد لأحضر أدوات الرسم ثم نتجه إلى الشاطئ فورًا
تسرع نورإلى الطابق العلوى، بينما تقترب سميرة من (الجرامافون) تستمع إلى ليلى مراد فتتراقص مع اللحن متظاهرة أنها تراقص شخصًا ما كما كانت ترى فى السينما التى تعشقها وتدخر من راتبها لتدخلها فى نهاية الأسبوع
أما إيرينى فقد بدت شاردة حزينة انتبهت سميرة فلاحظت شرودها فتوقفت عن الرقص وخفضت صوت (الجرامافون) وتساءلت:
ــ إلى أين وصلت يا إيرينى؟!
ــ إلى نفس المحطة.
ــ ماذا تقولين؟!
ــ إلى نفس مصير حوارى اليائس مع والدى
تهز سميرة رأسها متفهمة وتقول: "عـريس جديد"
ــ نعم يتمسك به والدى لتحقيق حلمه المجنون بينما يحيل حياتى إلى كابوس أكثر جنونًا.
ــ ولماذا لا تمنحين نفسك فرصة لمعرفته ربما تعلقتِ به؟!
ــ أنا لا أطيقه رغم وسامته وثرائه
ــ لماذا؟!
ــ إنه عبد خاضع لرغبات أبيه، لا إرادة له مثلى وأنا أريد من يحررنى لا من يزيدنى قيودًا
ــ تمط سميرة شفتيها بينما تستطرد إيرينى:
ــ لقد ماتت أمى لأصبح ريشة تعصف بها إرادة أبى وطموحاته المجنونة.
ــ الحرية والعبودية بيدنا لا بيد الآخرين
ــ ماذا تقصدين؟
ــ أقصد أنك تنتظرين من يحررك وهذا تصور خاطئ تمامًا0
ــ لماذا؟
ــ الحرية لا يمنحها أحدٌ لغيره مجانًا فلا بد أن تدفعى له ثمن تحريرك فسيكون قيدًا جديدًا0تهبط نور حاملة حقيبة بيدها اليسرى وحامل الرسم باليمنى، وتقترب من الفتاتين فتلحظ الحزن والشرود على وجه إيرينى، فتنظر إلى سميرة نظرة تساؤل فتشير إليها لتحاورها منفردتين بعيدًا عن إيرينى.
تقترب سميرة ونور من (الجرامافون) الذى تغلقه نور ثم تهمس إلى سميرة: "ماذا حدث؟!"
ــ كابوس جديد أقصد عريسًا جديدًا يتمسك به خالك تمسك قطٍ وقع فى مصيدته فأر
ــ ماذا؟! لا أدرى متى تنتهى هذه المسرحية السخيفة؟
ــ إن إيرينى هى الوحيدة التى تستطيع أن تنهيها لأنها قصتها هى
ــ إنها تريد ولكنها لا تستطيع
ــ إننا نستطيع حينما نريد
ــ لا ليس الأمر بهذه السهولة؛ من نشأ خاضعًا اعتاد العبودية
ــ وقد يشتاق إلى الحرية وهى بالفعل تتمناها ولكنها لا تبذل جهدًا للوصول إليها .
ــ تعالى معى أريد أن استوضح منها الأمر
تقترب نور من إيرينى وتربت على كتفها بحنان:
ــ ماذا حدث يا إيرينى؟
ــ كما أخبرتك سميرة فلست غائبة عن الوعى كما تعتقدان
ــ لماذا يتشبث به خالى هكذا؟!
ــ إن والده ينوى السفر إلى "أرمينيا" وإقامة مشروع كبير هناك بمشاركة خالك
ــ فهمت ولكن لماذا لا تحاولين اتخاذ موقف حاسم ولو لمرة واحدة فى حياتك؟
ــ كيف؟
ــ اطلبى مقابلته وأخبريه أنك لا تريدين الزواج به لا لعيب بشخصيته ولكن
تقاطعها إيرينى: "إنه مثلى لا يملك من أمر نفسه شـيئًا لذا سيكون حديثى مع والده"
ــ إنه كارثة وليس كابوسًا كما تقول سميرة
تبكى إيرينى ثم تعقب: "فليرحمنى الرب"
تربت نور على كتفها : "لا تبكى يا حبيبتى ودعى الأمر لى"
ــ ماذا سـتفعلين؟
ــ لاأعرف الآن سأفكر بصحبة دانيال وحتمًا سـنجد حلًا
ــ لا يا نور لاأريد أن يصطدم دانيال بأبى مرة أخرى
ــ أنت تتحدثين وكأن دانيال صديقًا لنا أو جارًا إنه أخوك وأنتِ تدركين كم يحبك
ــ لهذا لاأريد أن يكون حبه لى كاللعنة التى تصيب علاقته بأبى
ــ إن خالى يعيش من أجل حلم أصبح أسيرًا له، وينسى أنكما كبرتما وصار لكما مشاعر وأحلام تخصكما وإرادة منفصلة عنه
ــ إرادة! تحدثى عن دانيال فقط أما أنا فليرحمنى الرب وليعتقنى من هذه الحياة لأجاور أمى
والسيد المسيح فى عالم أفضل من هذا العالم البغيض
ــ لا يا إيرينى لا يصل بك اليأس إلى هذا الحد، لماذا لا تتعلمين من دانيال الذى لا يعبأ بأحلام خالى وطموحاته، إنه يدخر من عمله معه فى الأستديو ليقيم مشروعًا خاصًا به فى مصر ليستقل عنه ولا يضطر إلى السفر معه إلى أرمينيا، ولا أعتقد أنه سيتزوج إلا من يريدها قلبه
ــ لم يخلقنا الله متشابهين
تبدو الدهشة على وجه سميرة التى ترد بغضب شديد:
ــ ولكنه خلقنا متكافئين؛ وهبنا جميعا عقلًا وإرادة ونحن من يملك استخدامهما أو إهمالهما
تبكى إيرينى: "أنا لا أسـتطيع أنا لا أسـتطيع"
تحتضنها نور:
ــ هونى عليك يا حبيبتى ودعى الأمر لى، فلننطلق إلى الشاطئ الآن ربما كان المكان هناك وحيًا لحل مشكلتك0 من يدرى؟
!!!!!!
#نقاش_دوت_نت
