من نحن اتصل بنا سياسة الخصوصية
×

هايبون. / طقس كانون

مصطفى عبدالملك الصميدي / اليمن
هايبون. /  طقس كانون


يحل كانون ليُغِير ملامح الأرض، الشمس غائبة إلا ومضاً عابراً، وضباب كثيف يرافقه رذاذ ناعم، كزجاج رقيق يوخز الجسد.

في الصباح، تغرق الدروب، وتختفي الأشجار، وتُمحي الحواف، كأننا نمر داخل رماد بارد، أو داخل البرد نفسه.


سكون ثقيل، لا صوت لعصافير الصباح على السياج، لا حبل غسيل يتحرك، ولا احتكاك لسيقان الشجر العاري. الزمن متجمد، وكانون يخشى إيقاظ النهار. فقط نبض البرد يحرك الأسنان، ويصطك في العظام، 


القرى التي أمر بها مغلفة بالبياض. أناس يمرون أسرع في الطرقات، رؤوسهم منخفضة، وأذرعهم تحضن بعضها، كأن الطقس يدفعهم إلى العودة من حيث خرجوا. 


لا أثر لروائح الطبيعة سوى تراب مُبلل ودخان ولحاء شجر تمتزج مع بعضها. ولا دفء إلا ما يتجمَّع حول المواقد وأكواب شاي النهار.


الليل يدخل من جدار قُطنٍ بارد، أزقة مُبتلَّة بضوء خافت، وهواء بارد يلسع الأذنين. كل شيء يُسمع قبل أن يُرى. احتكاك سيقان، خشخشات أوراق، وهدير ريح في طرقات فارغة، وكأن الشتاء يقلب صفحاته واحدة واحدة.


طقس كانون–

يغطي صباح الريف

صمت ممتد


ضباب الصباح

يتأرجح وحده

حبل الغسيل


برد كانون

معطف صوفي

الضباب نفسه


نهار بارد

تتسابق الأيادي

لدفء المواقد


ليل كانون

على طرقات فارغة

هدير ريح


#نقاش_دوت_نت 

ضباب الصباح، روائح الطبيعة، حبل الغسيل، صمت ممتد