وداعًا أبو عبيدة أيقونة الشجاعة والإيمان
خرج ملثمًا… وعاد خالدًا: قصة استشهاد الصوت الذي أرعب الاحتلال»
في مشهدٍ هزّ الوجدان العربي وأعاد إلى الواجهة صورة الكلمة حين تتحول إلى سلاح، نتيجة إعلان كتائب القسام بإستشهاد ناطقها الرسمي المعروف بلقبه الحركي أبو عبيدة، الذى يعد واحدًا من أكثر الأصوات حضورًا وتأثيرًا في ساحة الصراع، دون أن يُكشف عن اسمه الحقيقي أو ملامحه، حتى لحظة الرحيل.
لم يكن أبو عبيدة مجرد متحدث عسكري، بل تحوّل مع مرور الوقت إلى رمزٍ إعلامي استثنائي في معادلة المواجهة. ففي ذروة القصف، وبين أزيز الطائرات وانفجارات الصواريخ، كان صوته يخرج ثابتًا، محمّلًا برسائل مختصرة لكنها عميقة الأثر، ترسم ملامح المرحلة وتربك حسابات الاحتلال، وتمنح الشارع الفلسطيني والعربي شعورًا نادرًا بالتماسك والثقة.
سنوات طويلة قضاها الشهيد في هذه المهمة الحساسة، محافظًا على سرّيته الكاملة، في زمنٍ بات فيه الاختفاء إنجازًا بحد ذاته. لم يعرف الجمهور اسمه الحقيقي، ولم يرَ وجهه، لكنهم حفظوا نبرة صوته، وانتظروا كلماته كما تُنتظر الأخبار الفاصلة، وأصبح ظهوره الإعلامي حدثًا بحد ذاته.
وكما أوضحت حركة حماس في بيان لاحق أن أبو عبيدة ارتقى شهيدًا رفقة زوجته وأولاده، إثر قصف إسرائيلي وُصف بالغادر، في مشهدٍ يلخص طبيعة الحرب التي لا تميّز بين صوتٍ مقاوم وعائلةٍ آمنة. رحيل القائد الإعلامي لم يكن خسارة تنظيمية فحسب، بل فاجعة إنسانية حملت في طياتها رسالة قاسية عن ثمن الكلمة حين تُقال في وجه القوة الغاشمة.
حيث تميز أبو عبيدة بأسلوب فريد في الخطاب؛ كلمات قليلة، نبرة حازمة، توقيت محسوب بدقة. لم يكن خطابه انفعاليًا، بل مدروسًا، يجمع بين المعلومة والرسالة النفسية، ويخاطب الخصم كما يخاطب جمهوره الداخلي. ومع كل ظهور، كانت كوفيته الحمراء تتحول إلى رمز، وصمته بين البيانات يزيد من وقع حضوره.
وصفته القسام بأنه “رجل الكلمة والموقف”، وهو توصيف لم يأتِ من فراغ. فقد لعب دورًا محوريًا في إدارة المعركة الإعلامية، ونجح في نقل صورة مغايرة عن المقاومة، صورة لا تقوم فقط على السلاح، بل على الوعي، والتخطيط، وضبط الرسائل في أكثر اللحظات تعقيدًا.
برحيل أبو عبيدة، الذى كان لم يخاف الموت تطوى صفحة رجل لم يعرف الخوف طريقًا، ولم يمنعه القصف ولا تهديد الاغتيال من أداء مهمته حتى اللحظة الأخيرة. خرج مرارًا إلى العلن وهو يعلم أن صوته قد يكون سببًا في استهدافه، لكنه اختار الاستمرار، مؤمنًا بأن الكلمة الصادقة في زمن الحرب قد توازي الصاروخ أثرًا.
سيبقى اسم أبو عبيدة حاضرًا في الذاكرة الفلسطينية والعربية، لا بوصفه متحدثًا عسكريًا فقط، بل كأحد أبرز من جسّدوا فكرة أن الإعلام في زمن الصراع ليس ترفًا، بل جبهة قائمة بذاتها. رحل الجسد، لكن الصوت الذي أرهب الخصم ومنح الأمل لجمهوره، سيظل صداه ممتدًا في الوجدان، شاهدًا على مرحلةٍ كتب فيها التاريخ بصوتٍ ثابت وسط العاصفة.
رحم الله الشهيد البطل الذي كان لا يهاب الموت والناطق بإسم كتائب القسام الشهيد حذيفة سمير عبد الله الكحلوت الشهير بأبو عبيدة واسكنه الفردوس الأعلى من الجنة
#نقاش_دوت_نت
كتائب القسام، أبو عبيدة، فاجعة إنسانية، قوة غاشمة
