من نحن اتصل بنا سياسة الخصوصية
×

مخبز « عمران» و فرن « جوركي»

طلعت شناعة / كاتب أردني.
مخبز « عمران» و فرن « جوركي»


كان الكاتب الروسي الشهير مكسيم جوركي صاحب رواية « الأُمّ» يعمل في مخبز / «فُرن». وكان يحمل اكياس الطحين ويسهر في مكان عمله على ضوء « لمبة كاز»، يقرأ حتى يستسلم للنوم.

مكسيم جوركي،أحد عباقرة الرواية العالمية ،رفضته جامعة «كازان» بسبب فقره،وهي نفس الجامعة التي درس فيها الكاتب الكبير ليو تولستوي صاحب رواية « الحرب والسلام» و فلاديمير لينين زعيم الثورة الاشتراكية الروسية.

مكسيم جوركي كان يعمل في « المخبز» وكان صاحب الفرن يسمح له بالمبيت فيه بدل أجرته.

وكان بالتأكيد روائيّا عظيما..

أما «عمران» والاسم « رمزي» ويمكن أن يكون « سفيان أو حمدان أو أي اسم آخر». فكان له في « بلدتنا « مخبز أو « فرن» / بلدي،تذهب اليه النساء كي يخبزن العجين وأحيانا كُنَّ يحملن « صواني / الكفتة والبطاطا واللحمة والدجاج»،قبل أن تتطور الأحوال ،ويُصبح في كل بيت» فرن غاز» .

كنتُ أرافق والدتي رحمها الله وكنت أصغر إخوتي في ذلك الحين. أحمل معها ما تقدر على حمله أيدي الطفل الصغير.

وكنتُ أتأمل ل عالم « الفُرن» بكل تناقضاته وتجلياته. كنتُ أستمع إلى حكايات الزوجات وثرثرتهن ولم يكن في المخبز من الذكور سواي أنا والفرّان» عمران» الذي أتذكره رجلا قصيرا له ابتسامة بلهاء تكشف عن « أسنان صفراء». وكان لقصر قامته لا يكاد يظهر من « الجورة» التي كان يقف فيها مقابل فوّهة النار.

في ذلك الحين عرفتُ « أول وكالة أنباء «. .. في العالم. فلكل امرأة أخبارها التي تتناقلها وتتبادلها مع رفيقات المخبز.

كان «عمران» يكتفي بالاستماع ودون تعليق. وكنتُ أرى فيه «مشروع جاسوس». لأنه كان يسمع أكثر مما يتحدث.

لا أذكر كل ما كان يدور في « الفرن»،وما كان يعلق في ذهني شكاوي النساء من أزواجهن ومن مشاكل « سلَفاتهن». وكان يعجبني في شخصية «عمران» رشاقته في فرْد كرات العجين وتحويلها إلى رغيف ساخن شهيّ.

«جوركي» كان يعمل في « الفرن» ،وقدّم للتراث العالمي أروع اعماله الروائية،أما « "عمران» فقد انتهى عمره «عجوزا « ضعيفا،منسيّا،ولم يبق من « فرنه» سوى الذكريات البعيدة،بعد أن أُقيمت مكانه عمارة سكنية تقع أسفل منها محلات لبيع « الموبايلات» والعاب ال « بلي ستيشن».!!

#نقاش_دوت_نت 

جوركي، الأم ، مخبز، لمبة كاز، كازان، العجين